للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قرّر أن قوله -صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيّات" من القسم الرابع، لأنَّ معناه: "إما ثواب الأعمال، أو اعتبار الأعمال، فيكون مشترك الدلالة" (١).

وإذا كان الأمر كذلك فلا بدّ من دليل آخر يعيّن المراد، وقد بيّن الجصاص عدم صلاحية الحديث للاستدلال به على العموم فقال: "تعلق النيّة بالفعل على وجهين مختلفين: أَحدهما إثْبات فضيلة العمل، والآخر إثبات حكمه حتى إذا فقدت لم يكن له حكم أصلا، ومتى تعلقت به على وجه الفضيلة لم يؤثر عدمها في الحكم نحو غسل الثوب والبدن من النجاسة وغسل الجنابة والوضوء، متى نوى بذلك طهارة الصلاة كانت نية مثبتة له فضيلة، وكان مستحقا بها عليه الثواب، وفقدهما لا يضره في إثبات الحكم". ثم مثل للعبادات التي إذا تعلقت بها على جهة ثبوت الحكم كالصلاة والصوم، ثم قال: "فلمّا كان تعلّق النيّة بالفعل على هذين الوجهين، ولم يكن بأحد الوجهين أولى منها بالآخر، ولم بجز أن يراد به الوجهان جميعا مع ذلك، لاستحالة تعلقه بها على الوجهين جميعا في حال واحدة احتيج فيه إلى دلالة من غير اللفظ المراد به، ولم يكن من ادعى في قوله: "الأعمال بالنيات" إثبات حكم الأعمال بأولى ممن ادّعى فضيلة العمل" (٢)، ثم قرّر أنه لا يصحّ الاحتجاج فيه بظاهر اللفظ حتى تقوم دلالة على المراد.


(١) كشف الأسرار (١/ ٨٣).
(٢) الفصول (٢/ ٤٧٧ - ٤٧٨).

<<  <   >  >>