للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين أن ربطه بالقيام إلى الصّلاة محال ضرورة، لأنَّه لا يمكن الجمع بينهما، ومحال معنى لأن نفس القيام لا يقصد بذلك من الوضوء، وإنَّما المعنى: إذا أردتم القيام ونفس الإرادة هي النيّة.

وبيّن عدم صلاحية ربط الوضوء بالحدث، لأن الوضوء يجب بالحدث، لا من أجله إجماعا.

فلم يبق إلا أنَّ الأمر بالغسل في الآية مرتبط بالصلاة، وقد صرح النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك في قوله: "لا يقبل الله صلاةً بغير طهور" (١)، وإذ أمر الله بالغسل للصلاة فلم ينو المكلف كذلك لم يمتثل ما أمر به.

أما القول بأنّه يرتبط بالكلّ ففساده ظاهر (٢).

ثانيا: لا نسلّم أنّ القرآن لم يأمر بالنيّة، بل أمر بها، وقد استدلّ العلماء (٣) الموجبون للنية في العبادات عامّة وفي الوضوء خاصّة بالآيات الآمرة بالإخلاص، كقوله: {فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَهُ الدينَ} (٤).

وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدينَ} (٥).

فالآيات تأمر بالِإخلاص في العبادة، وإخلاص الدِّين هو النيّة، ومن اغتسل للتبرّد أو التنظف لم يخلص الدّين لله.

واستدلوا بمثل قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (٦).


(١) رواه مسلم في صحيحه (انظر مشكاة المصابيح ١/ ١٠٠).
(٢) أحكام القرآن (٢/ ٥٦٣).
(٣) الذخيرة (١/ ٢٣٥)، مجموع الفتاوى (٢٦/ ٣١)، تفسير القرطبي (١٥/ ٢٣٣).
(٤) سورة الزمر/ ٢.
(٥) سورة البينة / ٥.
(٦) سورة الشورى/ ٢٠.

<<  <   >  >>