للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النيّة في الصلاة

الصلاة عبادة مقصودة لنفسها، بل هي رأس العبادات، وهي غير معقولة المعنى، ولم يعلم خلاف بين الأمّة في إيجاب النية لها.

وقد نقل غير واحد من العلماء الِإجماع على وجوب النية في الصلاة (١). ولم يفرّقوا بين صلاة الفرض وبين غيرها، فأوجبوا النيّة لكلّ صلاة، ومنها صلاة الجنازة، بل أوجبوها لسجود التلاوة، وسجود الشكر، لأنهما عبادتان (٢).

ولقائل أن يقول: الصلاة متميزة بصورتها عن العادات وعن غيرها من العبادات فلم افتقرت إلى النية؟

الجواب أنَّ النية في الصلاة ليست لتمييزها عن العادات وعن غيرها من العبادات بل لتمييز رتب العبادة، فالصلاة منها ما هو فرض، وما ليس بفرض، والفرض قد يكون فجرا أو ظهرا أو عصرا .... الخ، وغير الفرض قد يكون راتبة وغير راتبة ... الخ، فالنية واجبة للتمييز بين رتب العبادات.

يقول الشافعي رحمه الله تعالى في هذه المسألة:


(١) وممن نقل الإجماع على ذلك العز بن عبد السلام، وابن المنذر في كتابيه الإشراف والإجماع، والشيخ أبو حامد الغزالي، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وابن هبيرة، وإمام الحرمين، وغيرهم. راجع - نهاية الأحكام (ص ٤٠ - ٤٤)، والإفصاح (١/ ٨٨)، والمجموع (٣/ ٢٤٣)، وحكاه ابن عابدين. انظر حاشيته (١/ ٢٠٤).
(٢) خالف في ذلك بعض العلماء فلم يوجبوا النية لها، (العيني على البخاري ١/ ٣٢)، ولا يشوش على هذا الإجماع ما ذهب إليه بعض العلماء: من أن ركعتي تحية المسجد لا تحتاجان إلى نية لأن المراد بها شغل البقعة بالصلاة، نوى بهما تحية المسجد أم لم ينو ... ولذا فإنهم نصّوا على أن الذي يدخل المسجد إذا صلَّى فريضة أو راتبة تجزىء عن تحية المسجد، ومدلول قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" يفيد هذا و"الحديث رواه البخاري ومسلم" انظر مشكاة المصابيح (١/ ٢٢١).

<<  <   >  >>