للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعْبَدَ؟ " (١) وصدق الله العظيم إذ يقول: {هوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأهْلُ الْمغْفِرةِ .. } (٢).

وقد عبر الشاعر عن هذا المعنى بقوله:

هَب الْبَعْثَ لَمْ تَأْتِنَا رسُلهْ ... وَجَاحِمَةُ النَّارِ لَمْ تُضْرَم

أَلَيْس مِنَ الْواجِبِ المسْتَحِقِّ ... إِطَاعَة رَب الْورَى الَأكْرَمِ؟

[٣ - السعادة في قصده، والشقاء في توجيه القلوب إلى سواه]

إذا كانت الغاية التي يرمي إليها العبد من وراء عمله غير مقصورة على الله -تعالى- فإن الإنسان يشقى بعمله وبنفسه، وتصبح الحياة قطعة من الشقاء، ولا يغني عن الإنسان أن يحوز الدنيا، ويملكها، فإن منابع السعادة والشقاء هناك في أغوار النفس الإنسانية، فالِإنسان مفطور على أن يتوجه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة، فمتى حرم الِإنسان من هذا التوجه فإنّه لا يغني عن هذا التوجه شيء، لأن النفوس في تطلاب دائم لمعبودها وخالقها وفاطرها، إن التوجه لغير الله مخالف للفطرة الِإنسانية، والمتوجه إلى غير الله حاله كحال الذي يستعمل ساعة يده مطرقة حديد، فإنه يظلم الساعة، لأنّها لم تصنع لذلك، والنفس الإنسانية خلقت للعبادة والتوجه إلى الله، فإن توجهت إلى غيره فقد ظلمت، ولذلك جاء في القرآن: {إن الشِّرْكَ لَظلْمٌ عَظيمٌ} (٣) والتوجّه إلى غير الله إفساد للنفوس: {وقَدْ خَاب مَنْ دَساها} (٤)، كما أن التوجه إليه وحده بالعبادة إصلاح وتزكية: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زكَاهَا .. } (٥).

إن فطرة الإنسان تدفعه إلى التوجه إلى المعبود، والفطرة قد لا تعرف المعبود الحقّ، ولكنها تطلبه دائما، وقد أرسل الله رسله كي يهدوا الّناس إلى معبودهم


(١) هذا أثر يروى وليس له وجود في كتب السنة.
(٢) سورة المدثر/ ٥٦.
(٣) سورة لقمان / ١٣.
(٤) سورة الشمس / ١٠.
(٥) سورة الشمس /٩.

<<  <   >  >>