للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم- إلى عثمان بن مظعون (١): أرَغْبةً عَنْ سنَّتِي؟ فَقَالَ: لا وَالله يَا رَسولَ الله، ولَكِنْ سنَّتَكَ أَطْلُب، قَالَ: فإنِّي أَنَامُ وَأصَلِّي، وَأَصوم وَأفْطِر، وَأَنْكَحُ النسَاءَ، فَاَتَّقِ الله يا عُثْمَانُ، فَإِن لَأهْلِكَ عَليْكَ حقًا، وإِن لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ" (٢).

وأنكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على عبد الله بن عمرو بن العاص تشدده في العبادة، فقد أخبر الرسول -صلى لله عليه وسلم- أن عبد الله يقول: "والله لأصومنَّ النَّهار، ولأقومن الليل ما عشت" فأنكر عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مقالته، وقال له: "فَإنَّك لَا تسْتطيع ذَلِكَ، فَصمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ" وأرشده إلى طريقة معينة في الصيام والقيام. والحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (٣).

وحذر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته من أن تسلك سبيل الأمم من قبلها فقال: "لَا تُشَدِّدوا عَلَى أَنْفُسِكمْ، فيشدَّدُ عَلَيْكمْ، وكان قَوما شددوا عَلَى أَنْفسِهِمْ، فشُدِّدَ عَلَيْهِم، فَتِلْكَ بَقَايَاهمْ فِي الصَّوامعِ وَالدّيَارِ، رَهبَانيةً ابْتَدعُوهَا مَا كَتَبْناهَا عَلَيْهمْ" رواه أبو داود (٤).

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد بين لأمته أن هذا منهج خاطىء، وأن السبيل الذي ينجي عبد الله هو القيام بهذا الدّين، والالتزام بتعاليمه، فيما يتعلق بحقوق الله أو النفس أو الأهل ... وليست القضية التي جاء بها الإسلام هي الهروب من الحياة كي ننال الجنّة والنعيم الأخروي، الإسلام يريدنا أن نسخّر الحياة باسم الإسلام وبنهجه، يريد الإنسان المسلم أن يكون طاقة قوية تندفع إلى الحركة


(١) هو عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي، صحابي متقدم الإسلام، من حكماء العرب في الجاهلية، حرم الخمر على نفسه قبل أن يأتي الإسلام، أول من مات بالمدينة من المهاجرين وذلك في السنة الثانية من الهجرة.
راجع: (الاستيعاب ٤/ ١٠٥٣)، (الأعلام ٤/ ٣٧٨).
(٢) جامع الأصول ١/ ٢٠٢.
(٣) جامع الأصول١/ ٢٠٣.
(٤) جامع الأصول (١/ ٢١٦)، وفي الكتاب أحاديث كثيرة.

<<  <   >  >>