للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا يقصد التبرد وإنعاش نفسه! فإن قصد هذا القصد حكما على عمله بالبطلان والفساد؟! وهب هذا الإنسان راغم نفسه كي يتصرف عما تحسّه وتطلبه، فكيف السبيل إلي أن يقصر نفسه على مجرد الامتثال للفعل!

ومن ذا الذي يتذوق سرور العبادة ولذتها ثم يطيق ألّا يقصد هذا النعيم؟! وهل إذا قصدنا من وراء إخراج الزكاة المتقرب بها سدّ خلَّة الفقير وصلة الأرحام، وتقديم الخير لبني الإنسان، نكون أقمنا مقاصد مضادة للإخلاص؟!.

ألم يأمرنا الله بأن نقاتل في سبيل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا؟!

ألم يقرّنا الله على أن نحصل بالجهاد أمرا نحبّه ونرضاه: {وَأخرَى تُحِبّونَهَا نصْرٌ مِنَ الله وَفَتْحٌ قَرِيب} (١)!

وهب أننا استطعنا أن نصرف قصدنا في أمور العبادات عن النظر إلى ثمرات الأعمال في الدنيا، فهل نطيق ذلك في الأمور العادية إذا قصدنا التعبد بها! فالزواج والطعام والشراب واللباس إذا قصدت التقرب بها إلى الله تعالى بأن آخذها من الطريق التى شرعها، وأبتعد عما حزم منها، وأقصد الاستعانة بها على طاعة الله، أأستطيع أن أصرف النظر عن الثمرات الناتجة عنها والتى تحبها النفس وتتطلبها منها؟!

إن العاملين بأعمال دنيوية من المسلمين: أطباء ومهندسين وباحثين، يستطيعون أن يجعلوا أعمالهم قربات عند إحداث نية صالحة حين القيام بهذه الأعمال، وهذا لا يلزمهم ألا يقصدوا حظوظهم من وراء هذه الأعمال.

لا يجوز أن يحتجّ علينا في هذا بأنَّ الشارع لم يرتض أن يقاتل المسلم شجاعة أو حمية، بل يجب أن يقصر قصده على القتال كي تكون كلمة الله هي العليا،


(١) سورة الصف /١٣.

<<  <   >  >>