للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "ولم ينو" فيه دلالة واضحة على أن هذا هو قصده، ومطلبه، وقد فهم هذا الصحابي الجليل عند الله بن عمر حيث يقول: "إذا أجمع أحدكم الغزو، فعوضه الله رزقًا، فلا بأس بذلك؛ وأما من أعطي درهما غزا، وإن لم يعط لم يغز، فلا خير في ذلك" (١).

ومن ذلك الأرزاق التي يأخذها المجاهدون من بيت مال المسلمين لا تبطل أجر الجهاد، فهي حق اللمقاتلين؛ وقد تكلم ابن تيمية في هذا الموضوع بكلام نفيس فقال: "الجند ليسوا كالأجراء، وإنما هم جند الله، يقاتلون في سبيل الله عباده، ويأخذون هذه الأرزاق من بيت المال، ليستعينوا بها على الجهاد، وما يأخذونه ليس ملكا للسلطان، وإنما هو مال الله يقسمه ولي الأمر بين المستحقين، فمن جعلهم كالأجراء جعل جهادهم لغير الله.

وقد جاء في الحديث: "مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون ما يعطون، مثل أم موسى ترضع ابنها وتأخذ أجرها" (٢).

وابن تيمية في هذا يفرق: "بين من يكون الدين مقصوده والدنيا وسيلة، وبين من تكون الدنيا مقصوده والدين وسيلة، والأشبه أن هذا ليس له في الآخرة من خلاق كما دلت عليه نصوص ليس هذا موضعها" (٣).

[الرياء بأوصاف العبادة]

تحدثنا عن الذي يؤدي العبادة مريدا بها الناس، أو مريدا بها الله والناس، وخلصنا إلى القول ببطلان هذه العبادة، وأن صاحبها آثم معاقب.

فإن كان الرياء لا في أصل العبادة، بل في وصفها كالذي يدخل في الصلاة يريد أن يقصر القراءة فيها والركوع والسجود فيطلع عليه الناس، فيطيل ذلك كلّه


(١) الدين الخالص٢/ ٢٨٣.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٩.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٦/ ٢٠.

<<  <   >  >>