للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أعين الناس.

ومع أننا لا نوافق الغزالي -رحمه الله- في كل ما ذهب إليه هنا إلا أننا لخصنا قوله كي يتبين لنا مدى خفاء الرياء، وأنه قد يخفى على الصالحين الذين يحذرون من الرياء، ويسعون إلى تجنبه.

ولما كان الرياء خفيا قد لا يدركه الأخيار رأينا أن نبين سبيل الوقاية منه.

[مزلق خطر]

[ترك العمل خوف الرياء]

قد يعالج بعض الناس خطأ فيقعون في خطأ مثله أو أشد منه، وتلك مشكلة عانى منها الناس قديما وحديثا.

أمرنا الله بالعبادة مخلصين له الدين، وفي النفس نوازع تدعونا إلى الميل عن صراط الإخلاص، فلما رأى الناس هذا اتجهوا اتجاهات مختلفة، فريق رام مجاهدة الرياء، حتى يقتلع جذوره، فلا يبقى في نفسه ميل إلى الرياء، ولا خاطر يدعو إليه، وهؤلاء طلبوا عظيما وراموا مستحيلا "فالناس لم يؤمروا أن يخرجوا وساوس إبليس أن تعترض في صدورهم، ولم يؤمروا بأن يغيروا خلقهم وطباعهم، حتى تصير لا تنازع إلى معنى من زينة الدنيا من رياء ولا غيره، حتى تكون طبائعهم الحمد فيها مكروه والذم فيها محبوب" (١)، لم يؤمر العباد بذلك أبدا، فهذا أمر غير مقدور، والله لا يكلّف نفسا إلاّ وسعها، والجهود التي تبذل في غير مكانها جهود ضائعة، لا تعود على صاحبها بفائدة.

ونحن نلاحظ أن بعض الأمور التي دعانا الله إليها مكروهة للنفوس {كُتِبَ عَليْكُم الْقِتَال وهُوَ كُرْهٌ لكمْ} (٢)، وبعض الأمور التي نهينا عنها محبوبة للنفوس:


(١) الرعاية ص ٢٠٧.
(٢) سورة البقرة/ ٢١٦.

<<  <   >  >>