للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأمر الضابط لمقاصد المكلفين]

وقبل أن ننهي الكلام في هذا الموضوع أحب أن يكون عندنا ضابط نستطيع به أن نتعرف على المصالح التي يجوز للمكلف قصدها من وراء الأمور التي يتعبد بها، والمصالح التي لا يجوز له قصدها.

الضابط الذي ارتضاه الشاطبي هو أن ينظر العبد في مقاصد الشارع ويجعل المكلف قصده محكوما بمقاصد الشارع، فالمقاصد الموافقة لقصد الشارع مقاصد صحيحة، والمقاصد المخالفة لمقاصد الشارع من التكالف غير صحيحة.

يقول الشاطبي في هذا: "الشريعة موضوعة لمصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله، وألا يقصد خلاف ما قصده الشارع" (١)، وعلَّل مذهبه بقوله: "لأنَّ المكلّف خلق لعبادة الله، وذلك راجع إلى العمل على وفق القصد في وضع الشريعة، هذا محصول العبادة، فينال بذلك الجزاء في الدنيا والآخرة" (٢).

واستدلَّ على ما ذهب إليها "بأنَّ الشارع قصد المحافظة على الضروريات، وما رجع إليها من الحاجيات والتحسينات، وهو عين ما كلف به العبد فلا بدَّ أن يكون مطلوبا بالقصد إلى ذلك وإلا لم يكن عاملا على المحافظة لأن الأعمال بالنيات".

وانتهى إلى القول بأن الإنسان خليفة الله في إقامة هذه المصالح بحسب طاقته ومقدار وسعه. والمطلوب منه أن يكون قائما مقام من استخلفه يجري في أحكامه


(١) الموافقات ٢/ ٢٤٣.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>