للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الذي قرره يقول به جماهير العلماء، يقول المرداوي (١) من الحنابلة: "لا يجوز إخراج الزكاة إلَّا بنيَّة، إلاّ أن يأخذها الإمام قهرا، فإنَّها تجزىء عن ربها على الصحيح من المذهب. وقال المجد (٢): هو ظاهر كلام الامام أحمد والخرقي لمن تأمله" (٣).

ثانيا: الاعتراض الثاني الذي أورده الشاطبي مما يستدل به على أن المقاصد لا تعتبر في كل فعل: أن الأعمال ضربان: عادات وعبادات، فأما العادات فقد قال الفقهاء: إنّها لا تحتاج في الامتثال بها إلى نيّة، بل مجرد وقوعها كاف، كرد الودائع والغصوب والنفقة على الزوجات والعيال وغيرها.

وأما العبادات فليست النية بمشروطة فيها بإطلاق أيضا، بل فيها تفصيل وخلاف بين أهل العلم في بعض صورها.

فقد قال جماعة من العلماء بعدم اشتراط النية في الوضوء، وكذلك الصوم والزكاة، وهي عبادات، وألزموا الهازل العتق والنذر، كما ألزموه النكاح والطلاق والرجعة.

وذكر أن في مذهب مالك فمن رفض النية في الصوم أثناء اليوم ولم يفطر أن صومه صحيح.

ومما أورده أيضا أن من الأعمال ما لا يمكن فيه الامتثال عقلا، وهو النظر الأول المفضي إلى العلم بوجود الصانع، والعلم بما لا يتم الإيمان إلاّ به؛ فإن قصد الامتثال فيه محال حسب ما قرره العلماء (٤).

وقد أجاب الشاطبي عن هذين الاعتراضين بوجهين:


(١) هو علي بن سليمان بن أحمد المرداوي، نسبة إلى (مردا)، قرية قرب نابلس بفلسطين، ولد بها سنة (٨١٧ هـ)، وانتقل إلى دمشق كبيرا، وتوفي بها سنة (٨٨٥ هـ)، وهو من فقهاء الحنابلة، له كتاب (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف)، و (تحرير المنقول) (شذرات الذهب ٧/ ٣٤٠) (الأعلام ٥/ ١٠٤).
(٢) هو مجد الدين ابن تيمية جدّ شيخ الإسلام ابن تيمية.
(٣) الإنصاف: (٣/ ١٩٦).
(٤) الموافقات: (٢/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>