للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرورة التعبديات، من حيث هي تعبديات، فإن الأعمال كلّها الداخلة تحت الاختيار لا تصير تعبدية إلا بالقصد إلى ذلك.

وهذا في الأمور التعبدية واضح، وفي العاديات لا تكون تعبديات إلاّ بالنيات.

ثم بيَّن أنَّه لا يتخلف عن ذلك من الأعمال شيء إلاّ النظر الأوّل، لعدم إمكانه، لكنّه- في الحقيقة- راجع إلى أنَّ قصد التعبد فيه غير متوجه عليه، فلا يتعلق به الحكم التكليفي كلية بناء على منع التكليف بما لا يطاق، لأن المكلف به قادر عليه متمكن من تحصيله، بخلاف قصد التعبد بالعمل فإنَّه محال، فصار في عداد ما لا قدرة عليه، فلم تتضمنه الأدلة الدالة على طلب هذا القصد أو اعتباره شرعا (١).

ثم أخذ الشاطبي يتكلم عن الوجه الثاني، وهو الوجه الذي يجيب فيه إجابة تفصيلية عن الاعتراضات التى أوردها.

وأهمّ هذه الاعتراضات أنَّ الحاكم ملزم شرعا بإكراه الناس، فكيف يجزىء عن المكره الفعل مع أنّه لا قصد له؟

وفي الجواب نحبُّ أن نفرق بين أمرين:

الأول: أنَّ العبادات من حيث هي أفعال صادرة من المكلفين لا تجزىء عنهم ما لم يؤدوها بقصد نابع من ذوات أنفسهم، فإن لم يؤدوها كذلك فلا تجزىء عنهم بحال.

وقد نقل ابن تيمية الِإجماع على أنَّ الذي يؤدي العبادة خوفا من الضرب أو من السلطان، أو تقليدا للآباء والأجداد لا تقبل منه (٢).


(١) الموافقات: (٢/ ٢٤١).
(٢) مجموع الفتاوى: (٢٦/ ٣٠).

<<  <   >  >>