للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} أَي قصَّتهَا وخبرها ونبأها {إِذْ انتبذت} أَي تنحت وَتَبَاعَدَتْ وَقيل اعتزلت وانفردت {من أَهلهَا} من قَومهَا {مَكَانا شرقيا} أَي من جَانب الشرق {فاتخذت} أَي ضربت {من دونهم} أَي من دون أَهلهَا {حِجَابا} أَي حاجزا وسترا يَسْتُرهَا عَنْهُم لِئَلَّا يروها حَال الْعِبَادَة أَو حَال التطهر من الْحيض {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ليبشرها بالغلام ولينفخ فِيهَا فَتحمل بِهِ {فتمثل لَهَا} جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {بشرا سويا} تَاما مستوي الْخلق لم يفقد من نعوت بني آدم شَيْئا {قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا} مِمَّن يَتَّقِي الله ويخافه ويعامل بِمُقْتَضى التَّقْوَى وَالْإِيمَان {قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك} الَّذِي استعذت بِهِ {لأهب لَك غُلَاما زكيا} هُوَ الطَّاهِر من الذُّنُوب الَّذِي يَنْمُو على النزاهة والعفة قيل المُرَاد بالزكي النَّبِي {قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر} زوج بِنِكَاح (وَلم أك بغيا) فاجرة وَالْبَغي هِيَ الزَّانِيَة الَّتِي تبغي الرِّجَال تَعْنِي أَن الْوَلَد لَا يكون إِلَّا من نِكَاح أَو سفاح وَلم يكن هُنَا وَاحِد مِنْهُمَا {قَالَ كَذَلِك} أَي هَكَذَا من خلق غُلَام مِنْك من غير أَب {قَالَ رَبك هُوَ عَليّ هَين ولنجعله آيَة للنَّاس} يستدلون بهَا على كَمَال الْقُدْرَة على أَنْوَاع الْخلق فَإِن الله خلق آدم من غير ذكر وَلَا أُنْثَى وَخلق حَوَّاء من ذكر بِلَا أُنْثَى وَخلق عِيسَى من أُنْثَى بِلَا ذكر وَخلق بَقِيَّة الْخلق من ذكر وَأُنْثَى قَالَه الْكَرْخِي {وَرَحْمَة} عَظِيمَة كائنة {منا وَكَانَ أمرا مقضيا فَحَملته فانتبذت بِهِ مَكَانا قصيا} أَي اعتزلت إِلَى مَكَان بعيد ن أَهلهَا مَخَافَة اللائمة قيل حملت بِهِ سِتَّة أشهر وَذَلِكَ آيَة أُخْرَى لِأَنَّهُ لَا يعِيش من ولد لهَذِهِ الْمدَّة وَقيل سَبْعَة أشهر وَقيل تِسْعَة أشهر كحمل النِّسَاء وَقيل كَانَ الْحمل والولادة فِي سَاعَة وَاحِدَة

<<  <   >  >>