للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فأجاءها الْمَخَاض} أَي وجع الْولادَة {إِلَى جذع النَّخْلَة} أَي سَاقهَا الْيَابِسَة الَّتِي لَا رَأس لَهَا كَأَنَّهَا طلبت شَيْئا تستند إِلَيْهِ وتعتمد عَلَيْهِ وتتعلق بِهِ كَمَا تتَعَلَّق الْحَامِل لشدَّة وجع الطلق بِشَيْء مِمَّا تَجدهُ عِنْدهَا {قَالَت يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسيا منسيا} أَي شَيْئا حَقِيرًا متروكا تمنت الْمَوْت استحياء من النَّاس أَو خوفًا من الفضيحة {فناداها} أَي خاطبها لما سمع قَوْلهَا {من تحتهَا} والمنادي جِبْرِيل وَقيل عِيسَى {أَلا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي نَهرا صَغِيرا {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} أَي طريا طيبا {فكلي واشربي} من الرطب وَالْمَاء {وقري عينا} أَي وطيبي نفسا {فإمَّا تَرين من الْبشر أحدا فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فريا} عجيبا نَادرا {يَا أُخْت هَارُون} قيل هُوَ هَارُون أَخُو مُوسَى قيل كَانَت مَرْيَم من وَلَده وَقيل هُوَ رجل صَالح فِي ذَلِك الْوَقْت شبهت بِهِ فِي عفتها وصلاحها وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل نَجْرَان فَقَالُوا أَرَأَيْت مَا تقرأون {يَا أُخْت هَارُون} وَهُوَ قبل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا سنة قَالَ فَرَجَعت فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمون بالأنبياء وَالصَّالِحِينَ قبلهم أخرجه أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَغَيرهم وَهَذَا التَّفْسِير النَّبَوِيّ يُغني عَن سَائِر مَا روى عَن السّلف فِي ذَلِك {مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء وَمَا كَانَت أمك بغيا فَأَشَارَتْ} أَي مَرْيَم {إِلَيْهِ} أَي إِلَى عِيسَى أَن كَلمُوهُ {قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} فَلَمَّا سمع عِيسَى كَلَامهم ترك الرَّضَاع وَأَقْبل عَلَيْهِم {قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا وَبرا بوالدتي} اقْتصر على الْبر بهَا لِأَنَّهُ قد

<<  <   >  >>