للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ١

وَبِنَاء على مَا سبق وَجب على الْآبَاء أَن يوضحوا لأبنائهم معالم التربية الصَّحِيحَة، ويبينوا لَهُم الصَّالح من الضار، وَالْحق من الْبَاطِل، فَإِن غفلوا أَو قصروا فِي أَدَاء ذَلِك نَشأ أبناؤهم نشأة لَا تحمد عقباها وَلَا يُرْجَى خَيرهَا وَكَانَ الْإِثْم على الْآبَاء أَولا.

فالأبوان هما المسؤولان فِي الدرجَة الأولى عَن انحراف أبنائهم خلقياً واجتماعياً وعقدياً، وَقد قَالَ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء"٢ وَفِي هَذَا دلَالَة وَاضِحَة على أَن الْمَوْلُود يُولد على فطْرَة الإِسلام، لَكِن تَأْثِير الْأَبَوَيْنِ وأسلوب تربيتهما هما اللَّذَان يوجهان عقيدة هَذَا الطِّفْل نَحْو الْيَهُودِيَّة أَو النَّصْرَانِيَّة أَو غَيرهمَا. وَمن هُنَا كَانَت مهمة الْأَبَوَيْنِ فِي التربية من الأهمية بمَكَان فالطفل يحاكي أَبَوَيْهِ فِي جَمِيع سلوكهما ومعتقداتهما وأخلاقهما.

فَأول وَاجِب يجب على الْأَبَوَيْنِ الْقيام بِهِ والاهتمام بأَمْره دون كلل، هُوَ غرس عقيدة التَّوْحِيد فِي نفس الطِّفْل وتوجيه عواطفه نَحْو حب الله وَرَسُوله وإخباره بِأَن الله يجب أَن يكون أحب إِلَيْهِ من أمه وَأَبِيهِ وَنَفسه، والإِيمان بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيره وبملائكته وَرُسُله، وتوحيد الله فِي الألوهية والربوبية والقوامة وَالسُّلْطَان والحاكمية لِأَن الْإِيمَان بِاللَّه هُوَ الموجه لسلوك الْإِنْسَان والدافع لَهُ إِلَى اتجاه الْخَيْر، والنصير لَهُ من حَيْثُ الْعِنَايَة وَالرِّعَايَة والتوفيق، كَمَا أَنه الَّذِي


١ - سُورَة التَّحْرِيم: آيَة ٦.
٢ - البُخَارِيّ: صَحِيح البُخَارِيّ مَعَ فتح الْبَارِي ٣/٢١٩ كتاب الْجَنَائِز ٢٣ بَاب إِذا أسلم الصَّبِي رقم الحَدِيث ١٣٥٨ - ١٣٥٩، وَمُسلم: صَحِيح مُسلم ٤/٢٠٤٧ كتاب الْقدر ٤٦ بَاب كل ٦ رقم الحَدِيث ٢٦٥٨ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ.

<<  <   >  >>