للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَزْهَرِيُّ وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا (وَ) لَا (أَكُولَةٌ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ مَعَ التَّخْفِيفِ الْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) لَا (حَامِلٌ) إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ، وَأُلْحِقَ بِهَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْزِ فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا اللَّحْمُ وَلَحْمُهَا رَدِيءٌ وَهُنَا مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ، وَهُوَ بِالْحَامِلِ أَكْثَرُ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا غَالِبًا، وَالْحَمْلُ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْآدَمِيَّاتِ (وَ) لَا (خِيَارٌ) عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ عَلَى قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ، وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ هُنَا بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ نَحْوِ نِطَاحٍ، وَأَنَّهُ إذَا وُجِدَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ الْخِيَارِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ زِيَادَةُ قِيمَةٍ وَلَا عَدَمُهَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضُ: أَيْ الْحَامِلُ، وَلَا فَحْلُ الْغَنَمِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا إلَّا الْحَوَامِلَ فَلَا يُطَالَبُ بِحَامِلٍ مِنْهَا لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَارْتَضَاهُ وَاسْتَحْسَنَهُ (إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالزِّيَادَةِ، قَالَ تَعَالَى {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْخُلْطَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ شَرِكَةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِخُلْطَةِ الْأَعْيَانِ وَالشُّيُوعِ، وَخُلْطَةُ جِوَارٍ.

وَقَدْ شَرَعَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَكَّيَا، وَإِطْلَاقُ أَهْلٍ عَلَى الِاثْنَيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَهَذَا مِثَالٌ (فِي مَاشِيَةٍ) مِنْ جِنْسٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ، وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ وَدَامَ ذَلِكَ (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ إذْ خُلْطَةُ الْجِوَارِ تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ أَوْلَى،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْكَسْرِ اهـ عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ شَاةً كَانَتْ أَوْ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً زَادَ حَجّ: وَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي إطْلَاقِهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَالْجَوْهَرِيُّ إلَى شَهْرَيْنِ) أَيْ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ إلَخْ: قَالَ حَجّ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهَا تُسَمَّى حَدِيثَةً عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِنَظَرِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا حَامِلٌ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ اهـ سم، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَأْكُولِ نَجِسًا كَمَا لَوْ نَزَا خِنْزِيرٌ عَلَى بَقَرَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي أَخْذِهَا الِاخْتِصَاصَ بِمَا فِي جَوْفِهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي طَرَقَهَا الْفَحْلُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ حَمْلِ الْبَهَائِمِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ دَفَعَ حَائِلًا فَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَيَسْتَرِدُّهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الرُّبَّى وَالْأَكُولَةِ وَالْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ عُمَرَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ مِنْ الْكَرَائِمِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إذْ فِي أَخْذِهَا أَخْذُ حَيَوَانَيْنِ بِحَيَوَانٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الرُّبَّى إذَا اسْتَغْنَى الْوَلَدُ عَنْهَا، وَإِلَّا فَلَا لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مَمْلُوكٌ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِاشْتِرَاكٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ أَوْ لَا كَأَنْ وَرِثَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ مَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي عِشْرِينَ شَاةً مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا مَا يَبْلُغُ بِهِ مَالُهُ نِصَابًا فَأَكْثَرَ كَأَنْ تَمَيَّزَ بِثَلَاثِينَ غَيْرِ الْعَشَرَةِ الْمَخْلُوطَةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تُفِيدُ تَثْقِيلًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَخْفِيفًا عَلَى الْآخَرِ كَسِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا، وَكَأَنْ اُشْتُرِكَ فِي عِشْرِينَ مُنَاصَفَةً وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُونَ انْفَرَدَ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ وَالْآخَرُ خُمُسُ شَاةٍ اهـ.

وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يُلَائِمُ كَوْنَهُ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَامٌّ بَعْدَ خَاصٍّ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ، وَالْمُرَادُ وَخِيَارٌ بِوَصْفٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ تَزِيدَ قِيمَةُ بَعْضِهَا إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ

[الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاة]

(قَوْلُهُ: وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ أَوْ أَكْثَرُ) أَيْ وَلَوْ بِالْمَخْلُوطِ وَهُوَ فِي صُورَةِ الْأَقَلِّ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>