للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرْمَتَهَا لِعَارِضٍ يَزُولُ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ لَمْ يُنْتَقَضْ، ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ عَمَلًا بِأَصْلِ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ شَكَّ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَمْ لَا، أَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ وَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ وَلَمَسَهَا لَمْ يُنْتَقَضْ طُهْرُهُ وَلَا طُهْرُهَا، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ الطُّهْرِ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا فِي تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ؛ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَثَبَتَ نَسَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ مَعَ ثُبُوتِ أُخُوَّتِهَا مِنْهُ.

وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: زَوْجَانِ لَا نَقْضَ بَيْنَهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ النَّقْضِ مَا لَمْ يَلْمِسْ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ عَدَدًا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ مَحَارِمِهِ وَإِلَّا انْتَقَضَ (وَالْمَلْمُوسُ) وَهُوَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّمْسُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (كَلَامِسٍ) (فِي الْأَظْهَرِ) فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ، وَالثَّانِي لَا نَقْضَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى اللَّامِسِ (وَلَا تُنْقَضُ صَغِيرَةٌ) لَا تُشْتَهَى عُرْفًا، وَكَذَا صَغِيرٌ لِانْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ (وَشَعْرٌ وَسِنٌّ وَظُفْرٌ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى بِلَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ بِلَمْسِهَا وَإِنْ اُلْتُذَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَشَمِلَ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى الْفَرْجِ فَلَا نَقْضَ بِهِ. وَالثَّانِي يَنْقُضُ نَظَرًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ فِي عُمُومِهَا لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ. وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ مِنْ لَمْسِ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

قَالَ النَّاشِرِيُّ فِي نُكَتِهِ: إنَّ الْعُضْوَ إذَا كَانَ دُونَ النِّصْفِ مِنْ الْآدَمِيِّ لَمْ يَنْقُضْ بِلَمْسِهِ، أَوْ فَوْقَهُ نَقَضَ، أَوْ نِصْفًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ أُنْثَى نَقَضَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِهَذَا قَالَ الْأُشْمُونِيُّ: الْأَقْرَبُ إنْ كَانَ قَطَعَ مِنْ نَفْسِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالنِّصْفِ الْأَعْلَى، وَإِنْ شُقَّ نِصْفَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا

(الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَشَمِلَ مَا يُقْطَعُ فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ بَارِزًا حَالَ اتِّصَالِهِ وَمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ) أَيْ فَلَوْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ تَيَقُّنُ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَيُحْتَمَلُ صِحَّتُهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ) تَوَهَّمَ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ مِنْ الْعِلَّةِ نَقْضَ وُضُوءِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَلْمُوسَهَا وَهُوَ الْكَبِيرُ مَظِنَّةً لِلشَّهْوَةِ، وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّهَا لِصِغَرِهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِاشْتِهَائِهَا الْمَلْمُوسُ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهَا كَمَا لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ) يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرُوهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِالْتِذَاذِ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا نَفْيُ اللَّذَّةِ الْقَوِيَّةِ الْمُثِيرَةِ لِلشَّهْوَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي النِّكَاحِ مُجَرَّدُ الِالْتِذَاذِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ نُقِضَ) قَضِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ امْرَأَةً

(قَوْلُهُ: مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) شَمِلَ إطْلَاقَهُ السِّقْطَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ هَلْ يَنْقُضُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ جَمَادٌ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْقُضُ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ بِعَدَمِ النَّقْضِ لِتَعْلِيقِهِمْ النَّقْضَ بِمَسِّ فَرْجِ الْآدَمِيِّ، وَهَذَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ أَصْلٌ آدَمِيٌّ اهـ (قَوْلُهُ: الْآدَمِيُّ أَيْضًا) قَدْ يُخْرِجُ الْجِنِّيَّ.

وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ عَدَمَ نَقْضِ مَسِّ فَرْجِ الْبَهِيمَةِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَهًى طَبْعًا مَعَ أَنَّهُ لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا وَلَا حُرْمَةَ لَهَا مَا نَصُّهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا النَّقْضِ بِلَمْسِ فَرْجِ الْجِنِّيِّ إذَا تَحَقَّقَ مَسُّهُ لَهُ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعَبُّدَ وَلَهُ حُرْمَةٌ اهـ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَارِزًا) أَيْ وَإِنْ طَالَ جِدًّا (قَوْلُهُ حَالَ اتِّصَالِهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِثْلُهُ الْقُلْفَةُ حَالَ اتِّصَالِهَا اهـ أَيْ فَإِنْ قُطِعَا فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَمُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ جَمِيعَ مُلْتَقَاهُمَا نَاقِضٌ، وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ الْمُرَادُ بِمُلْتَقَاهُمَا طَرَفُ الْأَسْكَتَيْنِ الْمُنْضَمَّتَيْنِ عَلَى الْمَنْفَذِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَسُّهُمَا بَلْ مَسُّ إحْدَاهُمَا مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ ظَاهِرِهَا نَاقِضٌ، بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَيْثُ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مَعَ أَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ إلَخْ) اُنْظُرْ بَقِيَّةَ الْأَحْكَامِ كَإِرْثِهَا مِنْهُ هَلْ تَتْبَعُ الزَّوْجِيَّةَ أَوْ الْأُخُوَّةَ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) اُنْظُرْ هَلْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلنِّصْفِ أَوْ لِلْعُضْوِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ

[الرَّابِعُ مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ]

(قَوْلُهُ: مَا يُقْطَعُ) خَرَجَ بِهِ مَحَلُّهُ بَعْدَ الْقَطْعِ، وَقَوْلُهُ حَالَ اتِّصَالِهِ خَرَجَ بِهِ حَالُ انْفِصَالِهِ فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ هُوَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>