للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعَادَتُهُمَا إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ. .

ثُمَّ لَهُمَا مَرَاتِبُ خَمْسٌ: صِحَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَصِحَّةٌ مُبَاشِرَةٌ وَوُقُوعٌ عَنْ النَّذْرِ أَوْ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَوُجُوبِهِمَا، وَلِكُلِّ مَرْتَبَةٍ شُرُوطٌ، فَيُشْتَرَطُ مَعَ الْوَقْتِ الْإِسْلَامُ وَحْدَهُ لِلصِّحَّةِ وَمَعَ التَّمْيِيزِ لِلْمُبَاشَرَةِ وَمَعَ التَّكْلِيفِ لِلنَّذْرِ وَمَعَ الْحُرِّيَّةِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَمَعَ الِاسْتِطَاعَةِ لِلْوُجُوبِ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةُ مَا ذَكَرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَا عَنْهُ أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمْعٍ صِحَّةُ حَجِّ مُسْلِمٍ بِالتَّبَعِيَّةِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ اعْتِقَادُهُ مِنْهُ لَغْوٌ.

نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَنِيَّةِ الْإِبْطَالِ، وَهِيَ هُنَا تُؤَثِّرُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَقَوْلِ وَالِدِهِ بِالصِّحَّةِ، وَعَلَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَالَهُ بِمَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَتَوَقُّفُهَا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَوَاقِيتِ وَعَلَى مَعْرِفَةِ الْأَعْمَالِ وَالْعِلْمِ بِهَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَالِمًا أَنَّهُ يَفْعَلُهَا عَنْ النُّسُكِ، فَلَوْ جَرَتْ اتِّفَاقًا لَمْ يَصِحَّ مَرْدُودٌ فِيهِمَا بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا تَعْيِينُ الْمَنْوِيِّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا وَفِي الثَّانِي بِأَنَّ غَيْرَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ عَدَمُ الصَّارِفِ لَا الْقَصْدُ.

(فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَالِ (أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ) ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَرَفَعَتْ امْرَأَةٌ إلَيْهِ صَبِيًّا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد «فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ وَرَفَعَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا» وَالْغَالِبُ أَنَّ مَنْ يُحْمَلُ بِعَضُدِهِ وَيُخْرَجُ مِنْ الْمِحَفَّةِ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وَيُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ إجْمَاعًا.

(وَ) أَنْ يُحْرِمَ (عَنْ الْمَجْنُونِ) الْوَلِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّبِيِّ سَوَاءٌ أَبَلَغَ مَجْنُونًا أَمْ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَسَوَاءٌ أَحَجَّ الْوَلِيُّ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ أَحْرَمَ عَنْهَا أَمْ لَا فَيَنْوِي الْوَلِيُّ بِقَلْبِهِ جَعْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحْرِمًا أَوْ يَقُولُ أَحْرَمْت عَنْهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا وَلَا مُوَاجَهَتُهُمَا بِالْإِحْرَامِ وَلَا يَصِيرُ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ مُحْرِمًا

وَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْإِحْرَامُ عَنْ الْمُمَيِّزِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ دَفْعًا لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ لِمُنَافَاةِ حَالِهِ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُمَيَّزِ فِي الْإِحْرَامِ جَازَ فَإِنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَمُرَادُهُ بِالصَّبِيِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ إحْرَامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَالْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَجِّ فِي أَوَّلِ سِنِي الْيَسَارِ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) هِيَ الرَّابِعَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَيَشْتَرِطُ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِطُ مَعَ الْوَقْتِ) أَيْ الْمَعْلُومِ مِنْ بَابِ الْمَوَاقِيتِ الْآتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ اعْتَقَدَهُ مَعَ إحْرَامِ وَلِيِّهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ فَلَا يَنْقَطِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِنِيَّةِ الْإِبْطَالِ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَعْمَالِ وَالْعِلْمِ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَلِيِّ الْمَالَ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ لِلصَّبِيِّ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنْ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ: وَلَك أَجْرٌ) أَيْ عَلَى تَرْبِيَتِهِ فَلَا يُنَافَى أَنَّ الْأُمَّ لَا وِلَايَةَ لَهَا أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةٌ (قَوْلُهُ: ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ) أَيْ أَوْ عَمِلَهُ بِهِ وَلِيُّهُ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُمَا فِي غِيبَتِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْتَكِبَا شَيْئًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا وَيُمَكَّنُ الْوَلِيُّ مِنْ مَنَعَهُمَا اهـ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: حُضُورُهُمَا) أَيْ وَلَوْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ ثُمَّ بَعُدَ ذَلِكَ عَلَى وَلِيِّهِ إحْضَارُهُ لِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ مُنِعَ مِنْ الْوُصُولِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُمَيِّزِ) أَيْ الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا يَأْتِي.

[شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) هِيَ الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ وَتُفَارِقُ مَا قَبْلَهَا فِي الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ مَا عَدَا صُورَةَ النَّذْرِ

(قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ أَحْرَمْت عَنْهُمَا) أَيْ بِقَلْبِهِ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>