للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّرْجِينِ وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ

مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهِ أَوْ يَحْفَظُ بِهِ نَحْوَ مَاشِيَةٍ وَدَرْبٍ وَتَرْبِيَةُ الْجَرْوِ الْمُتَوَقَّعِ تَعْلِيمُهُ لَا اقْتِنَاؤُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَآلًا، وَيَمْتَنِعُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا وَيَحِلُّ اقْتِنَاءُ فَهْدٍ وَفِيلٍ وَغَيْرِهِمَا.

(الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ) بِهِ شَرْعًا وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ مَاتَتْ أُمُّهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ سَفَهٌ وَأَخْذُهُ أَكْلٌ لَهُ بِالْبَاطِلِ (فَلَا يَصِحُّ) (بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ كَفَأْرَةٍ وَخُنْفُسَاءَ وَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَنَمْلٍ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُذْكَرُ مِنْ مَنَافِعِهَا فِي الْخَوَاصِّ وَيُسْتَثْنَى نَحْوُ يَرْبُوعٍ وَضَبٍّ مِمَّا يُؤْكَلُ وَنَحْلٌ وَدُودُ قَزٍّ وَعَلَقٌ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ (وَ) بَيْعُ (كُلِّ) طَيْرٍ وَ (سَبُعٍ لَا يَنْفَعُ) لِنَحْوِ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ كَنَمِرٍ لَا يُرْجَى تَعَلُّمُهُ الصَّيْدَ لِكِبَرِهِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، بِخِلَافِ نَحْوِ فَهْدٍ لِصَيْدٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

رُئِيَ قَبْلَ وَضْعِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَتَرْبِيَةُ الزَّرْعِ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهَا حَيْثُ صَلَحَ نَبَاتُهُ بِدُونِهَا أَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ صَلَاحُهُ عَادَةً عَلَى التَّرْبِيَةِ بِهِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَلَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ زِيَادَتُهُ فِي النُّمُوِّ عَلَى أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: وَتَرْبِيَةُ الْجِرْوِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْجِرْوُ بِالْكَسْرِ وَلَدُ الْكَلْبِ وَالسِّبَاعِ وَالْفَتْحُ وَالضَّمُّ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: لَا اقْتِنَاؤُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَنَاهُ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ بِيَدِهِ فَمَاتَتْ أَوْ بَاعَهَا وَفِي نِيَّتِهِ تَجْدِيدُ بَدَلِهَا لَمْ يَجُزْ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

فَرْعٌ: اقْتَنَى كَلْبًا لِمَاشِيَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَصَدَ أَنْ يُجَدِّدَهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ التَّجْدِيدُ أَوْ لَا مَالَ مَرَّ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِنَاءُ إلَّا إنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ نَاجِزَةً اهـ.

وَمِنْ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ احْتِيَاجُهُ فِي بَعْضِ الْفُصُولِ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يُكَلَّفُ رَفْعُ يَدِهِ فِي مُدَّةِ عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا) احْتَاجَ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ مِمَّا فِيهِ نَفْعٌ وَلَوْ مُتَوَقَّعًا

(قَوْلُهُ: مَاتَتْ أُمُّهُ) أَيْ أَوْ اسْتَغْنَى عَنْهَا (قَوْلُهُ: الْحَشَرَاتِ) جَمْعُ حَشَرَةٍ بِالْفَتْحِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: كَفَأْرَةٍ) الْفَارَةُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ نَافِجَةُ الْمِسْكِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ بِالْهَمْزَةِ فَقَطْ اهـ قَامُوسٌ بِالْمَعْنَى.

لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ: الْفَارَةُ تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ فَأْرٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَفَارَةُ الْمِسْكِ مَهْمُوزَةٌ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَارِسٍ، وَقَالَ الْفَارَابِيُّ فِي بَابِ الْمَهْمُوزِ: وَهِيَ الْفَأْرَةُ وَفَأْرَةُ الْمِسْكِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ مِنْ فَارَ يَفُورُ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ يَرْبُوعٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ ع (قَوْلُهُ: مِمَّا يُؤْكَلُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ أَكْلُهُ كَبِنْتِ عِرْسٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ كُلِّ طَيْرٍ وَسَبُعٍ لَا يَنْفَعُ) عِبَارَةُ حَجّ: وَكُلُّ سَبُعٍ لَا يَنْفَعُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ: كَالْفَوَاسِقِ إلَخْ لَوْ عَلِمَ بَعْضَ الْفَوَاسِقِ كَالْحِدَأَةِ أَوْ الْغُرَابِ لِلِاصْطِيَادِ فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَزُولُ عَنْهُ حُكْمُ الْفَوَاسِقِ حَتَّى لَا يُنْدَبَ قَتْلُهُ أَوْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَوَاسِقَ لَا تُمْلَكُ بِوَجْهٍ وَلَا تُقْتَنَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامِ الْأُمِّ وَظَاهِرَةُ حُرْمَةُ اقْتِنَائِهَا: أَيْ الْفَوَاسِقَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ.

لَكِنَّهُ يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ فَهْدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْفَهْدُ سَبُعٌ مَعْرُوفٌ وَالْأُنْثَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ كَالْمُسْلِمِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.

[مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ النَّفْعُ]

(قَوْلُ الْمَتْنِ الثَّانِي النَّفْعُ) أَيْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ تَأَتَّى النَّفْعُ بِهِ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ أَنَّ عَدَمَ النَّفْعِ إمَّا لِلْقِلَّةِ كَحَبَّتَيْ بُرٍّ وَإِمَّا لِلْخِسَّةِ كَالْحَشَرَاتِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَعْلِيلِ شَيْخِنَا فِي الْحَاشِيَةِ صِحَّةُ بَيْعِ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ تَسْخِينِ مَاءٍ إذْ مَا يُشْتَرَى بِنَحْوِ نِصْفٍ أَوْ نِصْفَيْنِ لَا يُمْكِنُ التَّسْخِينُ بِهِ لِقِلَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ فَاسِدًا، وَالْحَقُّ فِي التَّعْلِيلِ أَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُشْتَرَى لَهُ وَهُوَ شُرْبُهُ إذْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِعَدَمِ قِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى حُرْمَتِهِ، فَتَعَاطِيهِ انْتِفَاعٌ بِهِ فِي وَجْهٍ مُبَاحٍ، وَلَعَلَّ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>