للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحَلِّ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

وَيَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ.

بَابُ الْوُضُوءِ هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّبْوِيبِ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ.

وَالْوُضُوءُ أَصْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالنَّضَارَةُ وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ.

وَفِي الشَّرْعِ: أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ، وَكَانَ فَرْضُهُ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا وَجَبَ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْهُ) نَفْيُ السُّنَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مُبَاحٌ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَيُكْرَهُ مِنْ الرِّيحِ إلَّا إنْ خَرَجَ وَالْمَحَلُّ رَطْبٌ اهـ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ، وَقَوْلِهِ فَرَاغِ: أَيْ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مَا دَامَ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ.

بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ) أَيْ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالضَّمِّ) فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ بِالْوُضُوءِ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ نَحْوَ طَهُورٍ وَسَحُورٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ) أَيْ لِتَوَضَّأَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذْ قِيَاسُ إلَخْ، وَلَكِنَّهُ مَصْدَرٌ لِوُضُوءٍ كَظَرُفَ بِمَعْنَى حَسُنَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَارِ الْوَضَاءَةُ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَبَابُهُ ظَرُفَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَصْدَرَ وُضُوءٍ الْوَضَاءَةُ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِوُضُوءٍ أَوْ تَوَضَّأَ أَوْ مَصْدَرٌ مِنْهُ مَحْذُوفُ الزَّوَائِدِ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ لُغَةً، وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ مَعْنَاهُ لُغَةً: اسْمٌ لِغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: وَالنَّضَارَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَالضِّيَاءُ) أَيْ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضِّيَاءِ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَإِلَّا فَهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ لُغَوِيًّا (قَوْلُهُ: وَفِي الشَّرْعِ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ) هِيَ شَامِلَةٌ لِلْغَسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ) وَعَلَى هَذَا فَصَلَاتُهُ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا هَذَا الْوُضُوءَ أَوْ لَا؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ فَمَا حُكْمُهُ؟ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ: وَتَيَمَّمَ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى: أَيْ أَوَّلًا، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِوَحْدِهَا ثُمَّ يُصَمِّمُ، وَبِثَانٍ الْيُسْرَى: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ، وَبِثَالِثٍ الْوَسَطَ: أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ:، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

[شُرُوطُ الْوُضُوء]

بَابُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ خُصُوصُ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ مَعْنَى شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ، فَلَعَلَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ الضِّيَاءُ الْمَعْنَوِيُّ كَالْحِسِّيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ الضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا عُيُوبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>