للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ هُوَ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ.

وَالثَّانِي يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الثَّمَنُ (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) السَّابِقُ، وَفَائِدَةُ هَذَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَفْيُ تَوَهُّمِ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ إذَا تَلِفَ وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَمَا لَا يَرْفَعُ الضَّمَانَ لَا يَرْفَعُ الْفَسْخَ بِالتَّلَفِ وَلَا الْمَنْعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ فَائِدَتِهِ

(وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا يَعْنِي الْمَالِكَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْعَقْدَ، لَا وَكِيلُهُ وَإِنْ بَاشَرَ بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الْقَبْضِ أَمْ لَا وَإِتْلَافُ قِنِّهِ بِإِذْنِهِ (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ وَلَمْ يَكُنْ لِعَارِضٍ يُبِيحُهُ فَخَرَجَ قَتْلُهُ لِزِنَاهُ بِأَنْ زَنَى ذِمِّيًّا مُحْصَنًا ثُمَّ حَارَبَ ثُمَّ أُرِقَّ، أَوْ لِرِدَّتِهِ أَوْ لِنَحْوِ تَرْكِهِ الصَّلَاةَ أَوْ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ، وَإِلَّا كَانَ قَابِضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ مُهْدَرًا وَقَتْلُهُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِمُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي بِشَرْطِهِ أَوْ لِقِتَالِهِ مَعَ بُغَاةٍ أَوْ مُرْتَدِّينَ أَوْ قَوْدًا، فَلَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا قَبْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا أَنَّهُ الْمَبِيعُ أَمْ جَاهِلًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَتْلَفَهُ بِحَقٍّ كَانَ تَلَفُهُ وَاقِعًا عَنْ ذَلِكَ الْحَقِّ دُونَ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ الْمَبِيعُ، قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ) حَالَ كَوْنِهِ (ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا أَنَّهُ طَعَامُهُ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ فَكَذَا هُنَا أَيْضًا، وَفِي مَعْنَى إتْلَافه كَمَا مَرَّ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ أَوْ سَيِّدٌ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَارِثٌ مِنْ مُورَثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ الْمُورَثُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْبَائِعُ صِحَّةَ الْبَرَاءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِلَّةَ الضَّمَانِ كَوْنُهُ فِي يَدِهِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ) وَهُوَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَفْيُ تَوَهُّمٍ إلَخْ) فِي تَوَهُّمِ ذَلِكَ بُعْدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ بِتَلَفِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَكَيْفَ بَعْدَ تَصْوِيرِ الضَّمَانِ بِالتَّلَفِ بِالِانْفِسَاخِ يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ.

نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَلَا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ: عَلَى جَعْلِ الْفَائِدَةِ فِيهِ عَدَمَ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ فَائِدَتِهِ) أَيْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) هَذَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا وَإِلَّا انْفَسَخَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَبَيَّنَّاهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلُ وَلَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ.

وَقَوْلُ سم: وَإِلَّا انْفَسَخَ: أَيْ فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيَغْرَمُ لِلْبَائِعِ بَدَلَ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ (قَوْلُهُ: لَا وَكِيلُهُ) أَيْ وَلَا وَلِيُّهُ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ فَلَا يَكُونُ إتْلَافُهُمْ قَبْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاشَرَ) صِلَةُ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِعَارِضٍ) كَالصِّيَالِ أَوْ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِرِدَّتِهِ) وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ضَمَانَ الْعُقُودِ لَا يُنَافِي عَدَمَ ضَمَانِ الْقِيَمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: يَعْنِي فَحَيْثُ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْإِمَامِ وَأَتْلَفَهُ اسْتَقَرَّ ثَمَنُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هَدَرًا لَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ إمَامٌ) قَيْدٌ فِي قَتْلِهِ لِلزِّنَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثٌ) أَيْ حَائِزٌ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ إلَّا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ فَقَطْ.

قَالَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَا اشْتَرَاهُ: أَيْ مِنْ مُورَثِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ: أَيْ مُورَثُهُ مَدْيُونًا وَدَيْنُ الْغَرِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ حَتَّى

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ التَّصْوِيرِ وَالتَّوْجِيهِ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَةُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَنِيعٌ وَسِيَاقٌ آخَرُ وَنَازَعَ فِيهِ بِمَا قَدَّمْتُهُ فَلْيُرَاجَعْ

[إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا]

. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ إدْخَالِهِ فِي أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ الْمَأْكُولِ وَجَعَلِهِ مِنْ مَشْمُولَاتِ الْمَتْنِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُرَاعِيَ الْخِلَافَ فَيَفْرِضَ الْمَتْنَ فِي خُصُوصِ الطَّعَامِ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ ثُمَّ يُلْحِقَ بِهِ غَيْرَهُ فِي الْحُكْمِ، أَوْ أَنْ لَا يُرَاعِيَ الْخِلَافَ فَيَحْذِفَ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا كَمَا صَنَعَ حَجّ

[إتْلَافَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>