للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَيُؤَدَّى مِمَّا يَأْتِي، وَأَعَادَ هَذِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِضَرُورَةِ تَقْسِيمٍ، وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ، وَتَحِلُّ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ كَمَا تَحِلُّ الدُّيُونُ عَلَى الْحُرِّ بِمَوْتِهِ.

(وَمَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ) أَيْ شَخْصٍ إذْ مُرَادُهُ بِالْعَبْدِ الْإِنْسَانُ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ لُغَةً، وَكَانَ حِكْمَةُ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْإِشَارَةُ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ عَلَى ذِي الْعَبِيدِ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَصَحُّ جَوَازَ مُعَامَلَةِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ رِقَّهُ وَلَا حُرِّيَّتَهُ كَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهُ وَسَفَهَهُ إلَّا الْغَرِيبَ فَيَجُوزُ جَزْمًا لِلْحَاجَةِ (لَمْ يُعَامِلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُعَامَلَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ) أَيْ يَظُنَّهُ (بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا إخْبَارُ عَدْلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَكَذَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَبَحَثَ جَمِيعُ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الظَّنِّ وَقَدْ وُجِدَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَبْعُدْ الِاكْتِفَاءُ بِفَاسِقٍ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ (أَوْ شُيُوعٍ بَيْنَ النَّاسِ) حِفْظًا لِمَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ لِحَدِّ الِاسْتِفَاضَةِ الْآتِي فِي الشَّهَادَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِ الْمَدَارِ هُنَا عَلَى الظَّنِّ (وَفِي الشُّيُوعِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِتَيَقُّنِ الْحَجْرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ فَكَذَا الشُّيُوعُ، وَكَوْنُ الشَّارِعِ نَزَّلَ الشَّهَادَةَ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ مَحَلُّهُ فِي شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ الْمُكْتَفَى بِهِ هُنَا، وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِذْنُ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهِ كَالْوَكِيلِ (وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَبْدِ) فِي جَوَازِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الصُّورَةَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ مِمَّنْ أَحَاطَتْ بِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ دُيُونُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَظُنُّهُ) حَمَلَ الْعِلْمَ عَلَى الظَّنِّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي الْأَسْبَابِ الْمُجَوِّزَةِ لِمُعَامَلَتِهِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ لَا الظَّنَّ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْبِيرُ بِالْعِلْمِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَمَجَازِهِ وَمِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ كَإِدْرَاكِ هَذَا وَكَأَنَّهُ عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ لُغَةً لَكِنْ شَاعَ اسْتِعْمَالُ الْعِلْمِ فِي الْإِدْرَاكِ الرَّاجِحِ وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقُوا عَلَى الْفِقْهِ عِلْمًا مَعَ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ظُنُونِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ: بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ فَهَلْ يَكْفِي الْمُعَامِلُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيِّنَةِ إثْبَاتُ الْإِذْنِ لَا الْمَالِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ) أَيْ فِي جَوَازِ مُعَامَلَتِهِ لَا فِي ثُبُوتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: اعْتَقَدَ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الظَّنِّ لَا يَكْفِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرُ مُرَادِ الرُّجْحَانِ صِدْقَهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ عَامَلَهُ عَدَمُ تَسْلِيمٍ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ عَدَمُ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ الْوَالِدُ إلَخْ) فِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّهُ يَصِيرُ بِهِ الْمَأْذُونُ مَحْجُورًا فِي أَمْوَالِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَصَاحِبُ هَذَا الْفَرْعِ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِمَا ذُكِرَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ، فَلَوْ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ إذْنٌ لَكَانَ وَاضِحًا

[مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ]

. (قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٍ) مُرَادُهُ دَفْعُ الدَّوْرِ عَنْ الْمَتْنِ الَّذِي أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ فِيهِ دَوْرٌ لِتَوَقُّفِ عِلْمِ الرِّقِّ عَلَى عِلْمِ كَوْنِهِ عَبْدًا وَعَكْسُهُ اهـ.

وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا دَوْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَبْدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنْ يَعْلَمَ رِقَّهُ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَبْدٌ: أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثُمَّ إنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ رِقُّهُ وَقَدْ لَا، فَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ عُرِفَ رِقُّهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم أَجَابَ بِمَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ هُنَا دَوْرٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمَالِهِ) فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَذَا نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>