للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ كَثَوْبٍ مُحِيطٍ جَدِيدٍ لَا مَلْبُوسٍ (وَتِرْيَاقٍ مَخْلُوطٍ) وَهُوَ بِفَوْقِيَّةٍ أَوْ دَالٍ أَوْ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَيَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ وَضَمُّهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَخْلُوطِ عَمَّا هُوَ بَبَّانٌ وَاحِدٌ أَوْ حَجَرٌ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ.

وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ وَلَا فِي أَدْهَانٍ مُطَيَّبَةٍ بِطِيبٍ نَحْوِ بَنَفْسَجٍ وَبَانٍ وَوَرْدٍ بِأَنْ خَالَطَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ رُوِّحَ سِمْسِمُهَا بِالطِّيبِ الْمَذْكُورِ وَاعْتُصِرَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا مَرَّ فِي الرِّبَا (وَالْأَصَحُّ) (صِحَّتُهُ فِي الْمُخْتَلَطِ) بِالصَّنْعَةِ (الْمُنْضَبِطِ) عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ كَمَا بِأَصْلِهِ (كَعَتَّابِيٍّ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ (وَخَزٍّ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ لِسُهُولَةِ ضَبْطِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْضِبَاطِ هُنَا مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَزْنَ كُلٍّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَمَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ لِأَنَّ الْقِيَمَ وَالْأَغْرَاضَ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا ظَاهِرًا، وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِسُهُولَةِ اخْتِلَاطِهَا وَأَقْدَارِهَا (وَ) فِي الْمُخْتَلَطِ خِلْقَةً أَوْ بِغَيْرِ مَقْصُودٍ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، فَمِنْ الثَّانِي نَحْوَ (جُبْنٍ وَأَقِطٍ) وَمَا فِيهِمَا مِنْ مِلْحٍ وَإِنفْحَةٍ مِنْ مَصَالِحِهِمَا (وَ) مِنْ الْأَوَّلِ نَحْوُ (شَهْدٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا مُرَكَّبٌ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ وَشَمْعِهِ خِلْقَةً فَهُوَ شَبِيهٌ بِالتَّمْرِ وَفِيهِ النَّوَى (وَ) مِنْ الثَّانِي أَيْضًا نَحْوُ (خَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ) وَلَا يَضُرُّ الْمَاءُ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ جُبْنٍ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عَتَّابِيٍّ لِفَسَادِ الْمَعْنَى بَلْ عَلَى الْمُخْتَلَطِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي السَّبْعَةِ يَنْفِي الِانْضِبَاطَ فِيهَا قَائِلًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَرِيرِ وَالْمِلْحِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ) أَيْ أَمَّا مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهِ رِقَّةً وَضِدَّهَا (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ) أَيْ فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ وَيُقَالُ فِيهِ طِرَّاقٌ وَدِرَّاقٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِهَامِشِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بَبَّانٌ وَاحِدٌ إلَخْ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَبِنُونٍ فِي آخِرِهِ: أَيْ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ النَّاسَ بَبَّانًا وَاحِدًا مَا فَتَحْت عَلَى قَرْيَةٍ: وَبَعْضُهُمْ بِنُونٍ وَبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَتَاءٌ مُثَنَّاةٌ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَوْ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ اشْتَرَطَ خَلْطَهَا بِالشَّعِيرِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْبُرِّ ثُمَّ أَحْضَرَهُ لَهُ مُخْتَلِطًا بِشَعِيرٍ وَجَبَ قَبُولُهُ إنْ قَلَّ الشَّعِيرُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ خُلُوَّهُ مِنْ الشَّعِيرِ وَإِنْ قَلَّ كَوَاحِدَةٍ هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ أَمْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ قِيَاسًا عَلَى لَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا فَيُمْكِنُ تَنْقِيَةُ شَعِيرِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ خَالِصًا خُصُوصًا إذَا كَانَ قَدْرًا يَسِيرًا فَلَعَلَّ الصِّحَّةَ هِيَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَخَزٍّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ مِثْلُ فُلُوسٍ اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ إبْرَيْسَمَ وَوَبَرٍ أَوْ صُوفٍ لَعَلَّهُ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ وَعَدْلَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: تَفَاوُتًا ظَاهِرًا) زَادَ حَجّ: وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ، وَالْمُرَادُ الظَّنُّ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ جُبْنٍ) أَيْ غَيْرِ عَتِيقٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) زَادَ حَجّ: وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُنْضَبِطِ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ اخْتَلَطَ بِمَقْصُودٍ أَوْ لَا كَانَ الْكُلُّ مَعْطُوفًا عَلَى عَتَّابِيٍّ اهـ.

وَبِهِ يُوَجَّهُ مَا فِي شَرْح الْمَنْهَجِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَتِرْيَاقٍ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ: التِّرْيَاقُ نَجِسٌ فَإِنَّهُ يُطْرَحُ فِيهِ لُحُومُ الْحَيَّاتِ أَوْ لَبَنُ الْأَتَانِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَلَى تِرْيَاقٍ طَاهِرٍ

[السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ]

. (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْمُخْتَلِطِ كَمَا تَقَرَّرَ) قَدْ يُقَالُ: الَّذِي تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وَصْفِ الْمُخْتَلِطِ فَالْمُخْتَلِطُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّرَهُ فِي كَلَامِهِ، عَلَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْمُخْتَلِطِ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلِطٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>