للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّمْعِ وَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَالسَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْجُبْنِ، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ كَاللَّبَنِ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِ حَيَوَانِهِ وَنَوْعِهِ وَمَأْكُولِهِ مِنْ مَرْعًى أَوْ عَلَفٍ مُعَيَّنٍ بِنَوْعِهِ، وَيُذْكَرُ فِي السَّمْنِ أَنَّهُ جَدِيدٌ أَوْ عَتِيقٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَامِضِ اللَّبَنِ لِأَنَّ حُمُوضَتَهُ عَيْبٌ إلَّا فِي مَخِيضٍ لَا مَاءَ فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فِيهِ، وَاللَّبَنُ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْحُلْوِ وَلَوْ جَفَّ، وَيَذْكُرُ طَرَاوَةَ الزُّبْدِ وَضِدَّهَا، وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي اللَّبَنِ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَيُوزَنُ بِرَغْوَتِهِ وَلَا يُكَالُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمِيزَانِ، وَيَذْكُرُ نَوْعَ الْجُبْنِ وَبَلَدَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيُبْسَهُ الَّذِي لَا تَغَيُّرَ فِيهِ.

أَمَّا مَا فِيهِ تَغَيُّرٌ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعِيبٌ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَنْعُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - السَّلَمَ فِي الْجُبْنِ الْقَدِيمِ، وَالسَّمْنِ يُوزَنُ وَيُكَالُ وَجَامِدُهُ الَّذِي يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ يُوزَنُ كَالزُّبْدِ وَاللِّبَا الْمُجَفَّفِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَطْبُوخِ، عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ صِحَّتُهُ فِي الْمَطْبُوخِ كَالْمُجَفَّفِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَيْلُ الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي كُلِّ مَا دَخَلَتْهُ نَارٌ لَطِيفَةٌ: أَيْ مَضْبُوطَةٌ.

أَمَّا غَيْرُ الْمُجَفَّفِ فَكَاللَّبَنِ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الزُّبْدِ كَيْلًا وَوَزْنًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ (لَا) (الْخُبْزِ) فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ فَلَا يَنْضَبِطُ وَلِأَنَّ مِلْحَهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ: وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَحَكَاهُ الْمُزَنِيّ عَنْ النَّصِّ الصِّحَّةُ لِأَنَّ نَارَهُ مَضْبُوطَةٌ وَالْمِلْحَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الْأُشْمُونِيُّ إلْحَاقُ النِّيدَةِ بِالْخُبْزِ.

(وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ) أَيْ مَحَلٍّ يَعِزُّ وُجُودُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ بِتَسْلِيمِهِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِمَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ صَحَّ كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (وَلَا فِيمَا لَوْ اسْتَقْصَى وَصْفَهُ) الْوَاجِبَ ذِكْرُهُ فِي السَّلَمِ (عَزَّ وُجُودُهُ) كَمَا مَرَّ (كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، فَإِنْ ضُمَّ كَانَ مُفْرَدًا وَحِينَئِذٍ تُشَدَّدُ الْبَاءُ وَقَدْ تُخَفَّفُ (وَالْيَوَاقِيتِ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَجْمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ (قَوْلُهُ: وَالسَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْجُبْنِ) قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ بِالْجُبْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْقَدِيمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْقِشْطَةِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا بِالنَّطْرُونِ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا اهـ.

فَهَلْ يَصِحُّ فِي الْمُخْتَلِطَةِ بِدَقِيقِ الْأُرْزِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ مَرَّ انْتَهَى.

وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُعْتَادِ فِيهِ مِنْ كُلٍّ مِنْ النَّطْرُونِ وَالدَّقِيقِ (قَوْلُهُ: كَالزُّبْدِ وَاللِّبَأِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاللِّبَأُ بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ أَوَّلُ مَا يُحْلَبُ، وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: اللِّبَأُ مَهْمُوزٌ وِزَانُ عِنَبٍ أَوَّلُ اللَّبَنِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ، وَأَقَلُّهُ حَلْبَةٌ فِي النِّتَاجِ، وَغَيْرُ الْمَطْبُوخِ مِنْهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ قَطْعًا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ) أَيْ أَمَّا مَا يَتَجَافَى فِيهِ فَيَصِحُّ فِيهِ وَزْنًا لَا كَيْلًا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأُشْمُونِيُّ) نَقَلَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ الْقَمُولِيِّ (قَوْلُهُ: إلْحَاقُ النِّيدَةِ) وَأَمَّا النِّيلَةُ فَيَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا مَا لَمْ تُخْلَطْ بِالطِّينِ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ.

قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ: هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ اهـ.

وَعَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ لَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ الْمَحَلِّ هَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ أَوْ يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ قِيَاسًا عَلَى تَلَفِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ حَتَّى لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ السَّلَمِ ثُمَّ وَجَدَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ خِلَافَهُ جَازَ لَهُ دَفْعُهُ، لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي جُزْءٍ بِعَيْنِهِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي ضِمْنِهِ الْمُسْلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ انْحَصَرَ فِيهِ وَتَشَخَّصَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُخَفَّفُ) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا مَفْهُومًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ إذَا أَفْرَطَ فِي الْكِبَرِ قِيلَ كِبَّارٌ مُشَدَّدًا، وَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِالْحُمُوضَةِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَهَرِيسَةٍ

[السَّلَمُ فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>