للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَحَلِّ السَّلَمِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِمَّا يَأْتِي فِي الْقَرْضِ (وَلَا يُطَالَبُ بِقِيمَتِهِ) وَلَوْ (لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ (وَإِنْ) (امْتَنَعَ) الْمُسَلِّمُ (مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَحْضَرَ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِمَعْنَى تَحْصِيلِهِ وَتَحَمُّلِهِ الزِّيَادَةَ لَا بِمَعْنَى دَفْعِ الْمُؤْنَةِ لِلْمُسَلِّمِ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ (أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ) أَوْ الطَّرِيقُ (مَخُوفًا) لِلضَّرَرِ، فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ، بَلْ لَوْ بَدَّلَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا كَانَ الْمَوْضِعُ أَوْ الطَّرِيقُ مَخُوفًا (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) عَلَى قَبُولِهِ لِتَحْصُلَ لَهُ بَرَاءَةٌ بِذِمَّةٍ.

وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ مَرَّ تَعْلِيلُهُمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ بِصِفَةِ السَّلَمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ.

فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا يُطْلَقُ اسْمًا بِمَعْنَى الْمُقْرَضِ وَمَصْدَرًا بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ، وَلِشَبَهِهِ بِالسَّلَمِ فِي الضَّابِطِ الْآتِي جَعَلَهُ مُلْحَقًا بِهِ فَتَرْجَمَ لَهُ بِفَصْلٍ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى سَلَفًا (الْإِقْرَاضُ) الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ بِرَدِّ بَدَلِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إمَّا كَوْنُهُ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ ارْتِفَاعُ سِعْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْحَيْلُولَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْغَايَةِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إذَا كَانَتْ لِلْفَيْصُولَةِ لَا يُطَالَبُ بِهَا قَطْعًا لِأَنَّهَا اسْتِبْدَالٌ حَقِيقِيٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لِلْحَيْلُولَةِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْوَثِيقَةَ (قَوْلُهُ: وَتَحَمُّلُهُ الزِّيَادَةَ) أَيْ بِأَنْ تُدْفَعَ الزِّيَادَةُ لِمَنْ يَحْمِلُهُ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ يَلْتَزِمُهَا لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ) أَيْ دَفْعُ الْمُؤْنَةِ لِلْمُسَلِّمِ (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ لَهُ) أَيْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِصِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ صَحَّ إلَخْ. لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا أَعَمُّ وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا.

(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْقَرْضِ) وَلَعَلَّهُ آثَرَهُ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ لِاشْتِهَارِ التَّعْبِيرِ بِهِ وَلِيُفِيدَ أَنَّ لَهُ اسْتِعْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ) أَيْ مَجَازًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ مَصْدَرًا كَانَ بِمَعْنَى الْقَطْعِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْنَى الْإِقْرَاضِ، فَإِنَّ الْإِقْرَاضَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يُرَدَّ بَدَلُهُ لَكِنَّهُ سُمِّيَ بِهِ وَبِالْقَرْضِ لِكَوْنِ الْمُقْرِضِ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِهِ قِطْعَةً لِلْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى سَلَفًا) قَدْ يُقَالُ: مُجَرَّدُ تَسْمِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ لِتَغَايُرِ مَفْهُومِيهِمَا إذْ السَّلَمُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَرْضُ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ نَوْعًا مِنْهُ مَعَ تَغَايُرِ حَقِيقَتِهِمَا، نَعَمْ تَسْمِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ تَقْتَضِي أَنَّ السَّلَفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِهِ نَوْعًا مِنْهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لَا أَنَّهُ نَوْعٌ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ) أَيْ شَرْعًا (قَوْلُهُ: يَرُدُّ بَدَلَهُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَدَلِ لِيَتَمَشَّى عَلَى الرَّاجِحِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمِثْلَ حَقِيقَةً فِي الْمِثْلِيِّ وَصُورَةً فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَعَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَرْضِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ دُونَ الْإِقْرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْفَصْلِ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِقْرَاضِ بَلْ أَغْلَبُ أَحْكَامِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>