للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفَوَاتِ غَرَضِ الرَّاهِنِ بِعِتْقِهِ الْمُحْتَمَلَ قَبْلَ الْحُلُولِ، وَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَهَا قَبْلَ الْحُلُولِ بَطَلَ جَزْمًا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَهَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صِحَّةَ رَهْنِ الثَّانِي إذَا عُلِمَ الْحُلُولُ قَبْلَهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَفَارَقَ الْمُدَبَّرَ بِتَأْكِيدِ الْعِتْقِ فِيهِ فَوْقَ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ تَعْلِيقَ عِتْقٍ بِصِفَةٍ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُبَعْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ حَتَّى وُجِدَتْ عَتَقَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِحَالِ التَّعْلِيقِ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ كَبَيْعِهِ، وَقَوَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَفِي الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ، قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ رَهْنِ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي هَذَا مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ بَيْعُهُ إذَا خُشِيَ تَلَفُهُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَالظَّاهِرُ فِي ذَاكَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ لِغَرَضِهِ فِي تَحْصِيلِ الْعِتْقِ.

(وَلَوْ رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ) بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ بَعْدَ الْفَسَادِ أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ (فَإِنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ كَرُطَبٍ) يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ أَوْ عِنَبٌ يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ أَوْ لَحْمٌ طَرِيٌّ يَتَقَدَّدُ (فَعَلَ) ذَلِكَ التَّجْفِيفَ (عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ) أَيْ فَعَلَهُ الْمَالِكُ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ حِفْظًا لِلرَّهْنِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَ بِثَمَنِهِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ، أَمَّا إذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ لَا مَعَهَا، وَيُصَوِّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ إنْ قَدِمَ ابْنِي مِنْ السَّفَرِ نَهَارًا فَأَنْتَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَعْنِي لَمْ يَعْلَمْ حُلُولَهُ قَبْلَهَا الْمُفَسَّرُ بِهِ الْإِمْكَانُ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) شَمَلَ ذَلِكَ صُوَرَ الِاحْتِمَالِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَأَتَّى بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُودِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً قَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَوْ يَتَحَقَّقُ زَمَانٌ قَبْلَ احْتِمَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَيُبَاعُ فِيهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ رَهْنِ الثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: حَتَّى وُجِدَتْ) أَيْ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ: بِحَالِ التَّعْلِيقِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا بِحَالِ وُجُودِ الصِّفَةِ) قَضِيَّتُهُ نُفُوذُ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا وَسَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَهُوَ رَهْنٌ فَكَالْإِعْتَاقِ مَا يُنَافِيهِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا يَأْتِي صَوَّرَهُ بِمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بَعْدَ الرَّهْنِ وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَهُ فَلَا تَنَافِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ) أَيْ قَصَدَ الْوَفَاءَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ) أَيْ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ: زَبِيبٌ) أَيْ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: بَاعَ الْحَاكِمُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِكِ لِلتَّجْفِيفِ هَلْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِرَفْعِ أَمْرِهِ لِشَخْصٍ مِنْ نُوَّابِهِ أَوْ لِحَاكِمٍ آخَرَ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهُ وَيُجَفِّفُهُ بِهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ بَعْضُ خُلَفَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ نَائِبًا وَلَا حَاكِمًا اسْتَنَابَ مَنْ يَحْكُمُ لَهُ، فَإِنَّهُ بِاسْتِنَابَتِهِ يَصِيرُ خَلِيفَةً وَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ وَيَشْهَدُ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْمُؤْنَةِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ جَفَّفَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ هَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ فَعَلَ أَمْرًا وَاجِبًا عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَشْرَفَتْ بَهِيمَةٌ تَحْتَ يَدِ رَاعٍ عَلَى الْهَلَاكِ مِنْ أَنَّ لَهُ ذَبْحَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا أَطْلَقَ انْصَرَفَ إلَى مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ شَرْعًا فَيَخْرُجُ نَحْوُ مُلْتَزِمُ الْبَلَدِ وَشَادُّهَا وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ لَهُ ظُهُورٌ وَتَصَرُّفٌ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَتَصَرَّفُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَعَ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي نُفُوذُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ لِلضَّرُورَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ غَرَضِ الرَّاهِنِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ الْأَلِفَ بَعْدَ الرَّاءِ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَلَيْسَتْ فِي التُّحْفَةِ

[رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ]

. (قَوْلُهُ: يَتَقَدَّدُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ وَكَانَ يَنْبَغِي

<<  <  ج: ص:  >  >>