للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَحَلِّهِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَا) يَصِحُّ الرَّهْنُ (بِمَا) لَيْسَ بِثَابِتٍ سَوَاءٌ أَوُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي الْغَدِ أَمْ لَا كَرَهْنِهِ عَلَى مَا (سَيُقْرِضُهُ) أَوْ سَيَشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ، وَعَنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ خَرَجَتْ عَنْ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ دَيْنًا كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا لِلرَّدِّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ الشُّرَّاحِ: إنَّ قَوْلَهُ لَازِمٌ يُغْنِي عَنْ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: دَيْنُ الْقَرْضِ ثَابِتٌ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ: أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا، فَدَفَعَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيُقْرِضُهُ إلَى آخِرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ حَقِيقَةً فَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ ثَابِتٍ بِلَازِمٍ.

(وَ) قَدْ يُغْتَفَرُ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ كَمَا (لَوْ) (قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَارْتَهَنْت بِهَا عَبْدَك) هَذَا أَوْ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ: اقْتَرَضْت وَرَهَنْت، أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَارْتَهَنْت) بِثَمَنِهِ هَذَا (الثَّوْبَ) أَوْ مَا صِفَتُهُ كَذَا (فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِبَلَدِ مَا شَرْطَ عَدَمَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي رِعَايَةِ عَرْضِهِ جَوَازُ إخْرَاجِهِ لِمَا يَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ حَيْثُ قَالُوا: تُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِأَقْرَبِ مَسْجِدٍ إلَيْهِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُرَاعَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي إخْرَاجِ الْكُتُبِ مِنْ إعْطَاءِ نَحْوِ كُرَّاسَةٍ لِيَنْتَفِعَ بِهَا وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يَأْخُذُ بَدَلَهَا، فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْكِتَابِ بِتَمَامِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَحْبُوكًا، فَيَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ الْحَبْكَةِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ جُمْلَتِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِضَيَاعِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِفَاعِ بِجُمْلَتِهِ كَالْمُصْحَفِ جَازَ إخْرَاجُهُ، وَعَلَى النَّاظِرِ تَعَهُّدُهُ فِي طَلَبِ رَدِّهِ أَوْ نَقْلِهِ إلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَعَدَمُ قَصْرِهِ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ اللُّغَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ مَنْ يُطَالِعُ كِتَابَهُ إلَى مُرَاجَعَةِ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مَقْصُودُهُ بِأَخْذِ كُرَّاسَةٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَيَشْتَرِيهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ مَا سَيَشْتَرِيهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَكَانَ إلَخْ) وَجَوَابُهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَاللُّزُومُ وَمُقَابِلُهُ وَصْفَانِ لِلدَّيْنِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُغْتَفَرُ) الْغَرَضُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ دَيْنًا ثَابِتًا إذْ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَ صِيغَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ شِقَّيْ الرَّهْنِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ شِقَّاهُ جَمِيعًا فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِيَّةِ عَلَيْهِ، إذْ كَيْفَ يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَ الشِّقَّيْنِ بِأَنْ عَقَّبَ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتَسَلُّمِهَا، وَقَدْ يُمْنَعُ مِلْكُهَا بِهَذَا التَّسْلِيمِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي مِلْكُهُ بَعْدَ تَمَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَنْعَ الْوَاقِفِ إخْرَاجَهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ

[الرَّهْنُ بِمَا لَيْسَ بِثَابِتٍ]

. (قَوْلُهُ: الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ) أَيْ لِعَلَاقَةِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثَابِتًا. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ خَرَجَتْ إلَخْ) إنَّمَا سَاقَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَصِحُّ بِالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَمُرَادُهُ بِالْمَسَائِلِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ وَالْمُسْتَعَارَةُ وَالْمَأْخُوذَةُ بِالسَّوْمِ الَّتِي زَادَهَا هُوَ عَلَى الْمَتْنِ، فَسِيَاقُ الشَّارِحِ لَهُ هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ سَاقَهُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ، وَقَوْلُهُ: مُشِيرًا لِلرَّدِّ بِهِ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ وَعَنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ فِي الدَّيْنِ بِتَجَوُّزٍ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِيهِ لِقَوْلِهِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ مُحْتَرَزَ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَيْنُ الْقَرْضِ ثَابِتٌ إلَخْ) كَلَامٌ مُحَرَّفٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يُغْنِي عَنْ الثَّابِتِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ مَعْنَاهُ الْوُجُودُ فِي الْحَالِ، وَاللُّزُومُ وَعَدَمُهُ صِفَةُ الدَّيْنِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُهُ عَلَى وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا يُقَالُ دَيْنُ الْقَرْضِ لَازِمٌ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ لَازِمٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّيْنِ اللَّازِمِ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا يَسْتَقْرِضُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>