للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِنْسُهُمَا مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْوَثِيقَةِ وَيَصِيرَا كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُمْتَنِعٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِ التَّفْتَازَانِي إنَّ الْحَقَّ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظُّرُوفِ لِأَنَّهَا مِمَّا يَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ انْتَهَى.

وَفَصَّلَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ امْتَنَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ جَازَ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَذْهَلُ عَنْ هَذَا فَيَمْنَعُ تَقْدِيمَ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ مُطْلَقًا (عِنْدَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ) مَعَ بَقَاءِ رَهْنِهِ الْأَوَّلِ (فِي الْجَدِيدِ) وَإِنْ وَفَّى بِالدِّينَيْنِ أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا، كَمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّهْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ ذَلِكَ شُغْلٌ فَارِغٌ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي التَّوْثِقَةِ وَهَذَا شُغْلٌ مَشْغُولٌ فَهُوَ نَقْصٌ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ فَدَى الْمُرْتَهِنُ مَرْهُونًا جَنَى أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ لِنَحْوِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ أَوْ عَجْزِهِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا بِالْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ أَيْضًا صَحَّ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ حِفْظِ الرَّهْنِ.

وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْجُعْلِيِّ (وَلَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ (إلَّا) بِإِقْبَاضِهِ أَوْ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهَنَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنْ لَا يَجْعَلَا الْإِذْنَ مَشْرُوطًا بِإِرَادَةِ التَّعْجِيلِ بَلْ يَتَوَافَقَانِ عَلَى الْبَيْعِ حَالًّا، ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَجْعَلُهُ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجِّلَ الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُوَجَّهُ بِبَقَاءِ عَقْدِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى جَعْلِهِ رَهْنًا بِالدَّيْنَيْنِ بِأَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَيُنْشِئَ رَهْنَهُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ) هُوَ قَوْلُهُ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ بَانَتْ) أَيْ فَارَقَتْ (قَوْلُهُ: يَنْحَلُّ لَأَنْ وَالْفِعْلِ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى نَحْوِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرْهَنَ بِالدَّيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَدَى الْجَانِي بِلَا إذْنٍ هَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ كَمَنْ وَفَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ يَبْطُلُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنَيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَالَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا.

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ قَادِرًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ، أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وسم أَيْضًا عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ آخَرَ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ (قَوْلُهُ كَالْعَبْدِ الْجَانِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَالِكِ إيَّاهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَبْضِهِ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلدَّيْنِ لَيْسَتْ مُوفِيَةً بِالْغَرَضِ إذْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ هُنَا، فَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي لَازِمٍ بِتَجَوُّزٍ: أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِاللَّازِمِ مَا وَصْفُهُ اللُّزُومُ وَلَيْسَ غَرَضُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الَّذِي فَهِمَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ قَالَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَا هُنَا لِخَفَائِهِ لَكَانَ وَاضِحًا

. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ تَرْكِيبَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبِالدَّيْنِ رَهْنٌ بَعْدَ رَهْنٍ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا عَقِبَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِمَّا تَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي الْعَمَلِ بَلْ فِي التَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَصْدَرُ يَنْحَلُّ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَيْهِ فَاعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ الْمَنْعَ مَمْنُوعًا

[لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ إلَّا بِإِقْبَاضِهِ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>