للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبْقَاقِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ اخْتِلَالُهُ فِي حَالِ ضَعْفِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ، لَكِنْ مَا دَامَ خَمْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ حُكْمُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَتْ الرَّهْنِيَّةُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ قَبَضَهُ خَلًّا. وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي حَالِ الْخَمْرِيَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ فِي بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ بِانْقِلَابِ الْعَصِيرِ خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصِ الْخَلِّ عَنْ الْعَصِيرِ، بِخِلَافِ انْقِلَابِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ تَخَمَّرَ فِي يَدِهِ وَتَخَمُّرُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَتَخَمُّرِ الرَّهْنِ بَعْدَهُ فِي بُطْلَانِ حُكْمِ الْعَقْدِ وَعَوْدِهِ إذَا عَادَ خَلًّا، لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَيْضًا.

وَلَوْ مَاتَ الْمَرْهُونُ فَدَبَغَ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ جِلْدَهُ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَدَثَتْ بِالْمُعَالَجَةِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْخَلِّ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا فَإِنَّهُ نَادِرٌ، وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ مَلَكَهُ دَابِغُهُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ رَهْنِ الْعَصِيرِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ.

(وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ) (تَصَرُّفٌ) مَعَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ إذْ لَوْ صَحَّ لَفَاتَتْ الْوَثِيقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ صَحَّتْ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَهُ قَتَلَهُ قَوَدًا وَدَفْعًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ إلَخْ اهـ.

لَكِنْ فِي دَعْوَى الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الْمَجْنُونِ نَظَرٌ.

فَإِنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ بَلْ يَقُومُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ فَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ أَوْ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ إذْنُهُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجُنُونِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهِ الْإِذْنُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مَا نَصُّهُ: وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ لَهُ ذَلِكَ: أَيْ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ.

وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ الْخَرَسِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ) أَيْ وَالْجِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا فِيهِمَا: أَيْ التَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ كَالْجِنَايَةِ فَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَا دَامَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِالتَّخَمُّرِ وَالْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: بَاطِلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ أَخْذِهِ إذَا أَرَادَهُ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: إنَّ لَهُ الْمَنْعَ: أَيْ لِاحْتِمَالِ التَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَ الْقَبْضَ) أَيْ بِأَنْ يَسْتَرِدَّهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ يُعِيدَهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ لِنَقْصٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالتَّخَلُّلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: لَا فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ) أَيْ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِأَنَّ الْخَمْرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ خِيَارٌ.

(قَوْلُهُ: فَدَبَغَ الْمَالِكُ) اُنْظُرْ مَا لَوْ انْدَبَغَ بِنَحْوِ إلْقَاءِ رِيحٍ عَلَى دَابِغٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ شَأْنِهِ الْمُعَالَجَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ قَدْ يَحْدُثُ بِهَا) أَيْ الْمُعَالَجَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَادِرٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِانْدِبَاغِ الْجِلْدِ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَرَجَّاهُ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمَالِكُ) أَيْ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ بِالدَّبْغِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الْمَالِكِ لَمْ يَزُلْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ غَصَبَ اخْتِصَاصًا وَأَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِبَقَاءِ حَقِّ ذِي الْيَدِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَدَبَغَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يُعَدَّ رَهْنًا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الرَّهْنِ مِلْكُ الدَّابِغِ لَهُ بَلْ فِعْلُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الرَّاهِنِ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ بِهِ وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّهُ أَثَرُ اخْتِصَاصِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) أَيْ الْجِلْدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَابِلًا لِلتَّخَمُّرِ أَوْ لَا.

[وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ]

(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُنَا مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ: إذَا لَمْ يُقْبِضْهُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ

. (قَوْلُهُ: لِاغْتِفَارِ مَا يَقَعُ فِي الدَّوَامِ) كَانَ الْأَوْلَى عَطْفَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>