للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْحَجَّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى أَدَائِهِ لَهُ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا ادَّعَاهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ اللَّامِ مِنْ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّ أَعْطَى يَتَعَدَّى إلَى اثْنَيْنِ بِنَفْسِهِ يُرَدُّ بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلتَّقْوِيَةِ (وَإِذَا) (أَحْرَمَ) حَالَ الْحَجْرِ (بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ بَعْدَ الْحَجْرِ وَقُلْنَا بِسُلُوكِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ، وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ أَوْ إتْيَانِهِ بِهِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) فِي الْحَضَرِ (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ

صِيَانَةً لِمَالِهِ

، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصَرٍ فَيَتَحَلَّلُ) بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُضِيِّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا.

وَالثَّانِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ كَمَنْ فَقَدَ زَادَهُ وَرَاحِلَتَهُ (قُلْت: وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) وَالْحَلْقِ مَعَ النِّيَّةِ (إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْحَجِّ (؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ) فَإِنْ قُلْنَا لَا بُدَّ لَهُ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُحْصَرِ.

قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا (وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرَ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ) عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ لَكِنَّهَا لَمْ تَزِدْ (لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِمْكَانِ الْإِتْمَامِ بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِلْمَالِ، وَمَا نَظَرَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فِيمَا إذَا كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ التَّبَرُّعُ بِهِ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ مَعَ غِنَاهُ، بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْوَلِيِّ وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ التَّطَوُّعِ حَالَ سَفَهِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مِنْ الْفَرْضِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ صَارَ فَرْضًا اهـ.

وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَيُعْطِيهِ الْوَلِيُّ نَفَقَةَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا وَأَدَّى إلَى نَفَاذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ لِلتَّقْوِيَةِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّ لَامَ التَّقْوِيَةِ هِيَ اللَّامُ الزَّائِدَةُ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ الضَّعِيفِ إمَّا بِتَقْدِيمِ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ أَوْ كَوْنِهِ فَرْعًا فِي الْعَمَلِ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ فِيهِ أَعْطَى وَهُوَ فِعْلٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَعْمُولُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَحْرَمَ) أَيْ أَوْ سَافَرَ لِيُحْرِمَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَنْعِ وَعَدَمِهِ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ صِيَانَةً لِمَالِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ) قَالَ حَجّ: كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ خِلَافًا لِمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ أَصْلِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى ذَاتِهِ، وَيُرَدُّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى ذَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُفْضِي لِضَيَاعِ مَالِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّفَرَ كَذَلِكَ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا قَصِيرًا أَوْ خُرُوجًا إلَى تَنَزُّهٍ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهَا بِحَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ضَيَاعُ مَالٍ بِوَجْهٍ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اخْتِلَاطُهُ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ مُرَافَقَتُهُمْ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِقْلَالِ السَّفِيهِ) أَيْ بِالتَّصَرُّفَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ بَلْ وَالْمَالِيَّةِ الَّتِي فِيهَا تَحْصِيلٌ كَقَبُولِ الْهِبَةِ

(قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ) فَإِنْ قُلْت: إذَا قُلْنَا لَا يَمْنَعُهُ فَسَافَرَ وَلَهُ كَسْبٌ يَفِي كَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ لِنَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ.

قُلْت: إذَا لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ يُسَافِرُ مَعَهُ لِيُؤَجِّرَهُ لِذَلِكَ الْكَسْبِ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُؤَجِّرُهُ لَهُ ثُمَّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَوْ عَجَزَ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَهَلْ نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى الْوَلِيِّ لِإِذْنِهِ؟ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ حَيْثُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَتَعَجَّبَ الْغَزِّيِّ) مُرَادُهُ صَاحِبُ مَيْدَانِ الْفُرْسَانِ.

أَقُولُ: وَجْهُ تَعَجُّبِ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَرْضُ مَا ذُكِرَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ فَوَّتَ بِالسَّفَرِ عَمْدًا مَقْصُودًا بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ لَيْسَ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يَفُوتَ بِالسَّفَرِ وَهُوَ يَأْتِي بِهِ فِي السَّفَرِ فَلَا تَفْوِيتَ أَصْلًا وَبِذَلِكَ يُنْظَرُ فِي نَظَرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَفْصِيلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ كَلَامِهِ) فِي اقْتِضَائِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ.

[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>