للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ (وَصَحَّحَ الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) وَإِنْ لَمْ يَجْرِ سَبَبُ وُجُوبِهِ كَثَمَنِ مَا سَيَبِيعُهُ؛ إذْ الْحَاجَةُ قَدْ تَمَسُّ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ ضَمَانُ نَفَقَةٍ لِلْقَرِيبِ مُسْتَقْبَلَةٍ قَطْعًا؛ إذْ سَبِيلُهَا الْبِرُّ وَالصِّلَةُ لَا الدُّيُونُ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ هَذَا مِائَةً وَأَنَا ضَامِنُهَا فَفَعَلَ ضَمِنَهَا عَلَى الْقَدِيمِ أَيْضًا.

(وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَهُوَ التَّبَعَةُ: أَيْ الْمُطَالَبَةُ سُمِّيَ بِهِ لِالْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ وَيُسَمَّى ضَمَانَ الْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي نَحْوِ غَرِيبٍ لَوْ خَرَجَ مَبِيعُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَمَانِ مَا لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ لَوْ خَرَجَ عَمَّا شُرِطَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الْمَضْمُونِ (بَعْدَ قَبْضِ) مَا يُضْمَنُ مِنْ (الثَّمَنِ) فِي التَّصْوِيرِ الْآتِي وَالْمَبِيعِ فِيمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ عَقَارَ غَائِبٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَنَحْوِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْمَدِينُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ وَضَمِنَ ضَامِنٌ دَرَكَهُ فَبَانَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةٌ بِحَالِهِ فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ) وَقَدْ عَلِمَ قَدْرَهُ (إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا) أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ كَبَيْعٍ سَابِقٍ (أَوْ مَعِيبًا) وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) بِفَتْحِ الصَّادِ، وَفِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ) أَيْ مِنْ الْمَرِيضِ

(قَوْلُهُ: وَالصِّلَةُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَصِحُّ ضَمَانُ ثَمَنِ مَا سَيَبِيعُهُ، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ قَدْ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ ضَمِنَهَا عَلَى الْأَوْجَهِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَى ضَمَانِهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ هَذَا إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مَا لَمْ يَثْبُتْ كَ أَقْرِضْهُ أَلْفًا وَعَلَى ضَمَانِهِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي شَرْحِهِ بَلْ صَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ بِالصِّحَّةِ ضَعِيفٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْ هَذَا مِائَةً

(قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجَ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَذْكُرُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَذَكَرَ الضَّمَانَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ وَهُوَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ مِثْلَ بَيْعِ الْقَاضِي مَا لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا يُصَيِّرُهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَنَحْوُهُ إفْتَاءُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِضَمَانِ الدَّرَكِ هُوَ قَبْضُ الْعِوَضِ فَقَطْ، وَلَمْ يَبْقَ فَرَدٌّ لِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: لَوْ أَجَّرَ الْمَدِينُ) أَيْ لِدَائِنِهِ

(قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الدَّيْنِ) وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْوَقْفِ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْعِوَضُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ لِبَقَاءِ حَقِّ الْمَضْمُونِ لَهُ فِي ذِمَّةِ خَصْمِهِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ صُورَةَ الْوَاقِعَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ الصَّلَاحِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ) صُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ ثُمَّ يَبِيعَهَا لِآخَرَ وَيَقْبِضَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَيَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الثَّمَنِ إنْ أَخَذَهَا الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ بِالشُّفْعَةِ

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الصَّادِ) ، وَالسِّينُ أَفْصَحُ مِنْهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اهـ حَجّ.

وَفِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ كَغَنِيٍّ

[ضَمَانِ الدَّرَكِ]

. (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ غَرِيبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِي غَرِيبٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَوْ خَرَجَ مَبِيعُهُ أَوْ ثَمَنُهُ مُسْتَحَقًّا إلَخْ، فَلَعَلَّ لَفْظَ مِمَّنْ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ بَاعَهَا صَاحِبُهَا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَضَمِنَ الدَّرَكَ لَا يَصِحُّ قَالَ: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ الدَّيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَرَكَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْعَقَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: بِعَدَمِ الْقَبْضِ: أَيْ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا لَوْ بَاعَ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَنَحْوُهُ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ مَمْدُودًا بِغَيْرِ عَطْفٍ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَأْخُوذًا بِشُفْعَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَأَنْ خَرَجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>