للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْوَكَالَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: التَّفْوِيضُ وَالْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ وَاصْطِلَاحًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ لِغَيْرِهِ مَا يَفْعَلُهُ عَنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ أَيْ شَرْعًا فَلَا دَوْرَ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} [النساء: ٣٥] بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا يَأْتِي وَتَوْكِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ وَعُرْوَةَ الْبَارِقِيَّ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا، وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا لِأَنَّهَا قِيَامٌ بِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، أَمَّا عَقْدُهَا الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِيجَابِ فَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الْوَكَالَةُ

(قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا لُغَةً) وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرِ وَكَّلَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَكِيلُ مَعْرُوفٌ، يُقَالُ: وَكَّلَهُ بِأَمْرِ كَذَا تَوْكِيلًا وَالِاسْمُ الْوَكَالَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا تَفْوِيضُ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ، وَعَبَّرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا تَفْوِيضُ إلَخْ. أَقُولُ: قَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ بِأَنَّ مَا تُلُقِّيَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَمَا كَانَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْفَنِّ يُسَمَّى اصْطِلَاحِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَأْخُوذًا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَشْكَلَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَشَرْعًا.

وَإِنْ كَانَ مُتَلَقًّى مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ أَشْكَلَ قَوْلُ الشَّارِحِ وحج وَاصْطِلَاحًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِمَا قَالَهُ سم فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يُطْلِقُونَ الشَّرْعِيَّ مَجَازًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِخُصُوصِهِ عَنْ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَوْرَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الدَّوْرَ الْمَنْفِيَّ هُوَ أَنَّ النِّيَابَةَ هِيَ الْوَكَالَةُ وَقَدْ أُخِذَتْ فِي تَعْرِيفِ الْوَكَالَةِ، وَحِينَئِذٍ فَفِي انْدِفَاعِهِ بِقَوْلِهِ: أَيْ شَرْعًا نَظَرٌ لِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا هِيَ الْوَكَالَةُ. فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ النِّيَابَةَ شَرْعًا أَعَمُّ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ كَانَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا بِوَجْهٍ أَنَّهُ مَا لَيْسَ عِبَادَةً وَنَحْوَهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَكَالَةِ فَلَا دَوْرَ فَلَا يُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ شَرْعًا: إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ مِمَّا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَهَذَا عَيْنُ مَا تَرَجَّاهُ الْمُحَشِّيُّ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ إلَخْ فَلَعَلَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ الْمُحَشِّيِّ

(قَوْلُهُ: الضَّمْرِيَّ) بِالْفَتْحِ: أَيْ لِلضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرٍ اهـ ل ب

(قَوْلُهُ: وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا) ع يُرِيدُ الْقِيَاسَ فَحِينَئِذٍ هِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهَا أَيْضًا اهـ

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا نُدِبَ قَبُولُهَا) أَيْ الْأَصْلُ فِيهَا النَّدْبُ، وَقَدْ تَحْرُمُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى حَرَامٍ، وَتُكْرَهُ إنْ كَانَ فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَتَجِبُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا دَفْعُ ضَرُورَةٍ الْمُوَكِّلِ كَتَوْكِيلِ الْمُضْطَرِّ غَيْرَهُ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ قَدْ عَجَزَ الْمُضْطَرُّ عَنْ شِرَائِهِ، وَقَدْ تُتَصَوَّرُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ حَاجَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَأَلَهُ الْوَكِيلُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ لَا يَخْتَصُّ النَّدْبُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مَتَى كَانَ التَّوْكِيلُ طَرِيقًا لِمَنْدُوبٍ نُدِبَ كَالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَالْحِفْظُ) وَمِنْهُ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>