للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَزَ خُفَّهُ بِشَعْرٍ نَجِسٍ مَعَ رُطُوبَتِهِ، أَوْ الْخُفُّ طَهَّرَ ظَاهِرَهُ بِغَسْلِهِ دُونَ مَحَلِّ الْخَرْزِ وَيُعْفَى عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِتَنَجُّسِ رِجْلِهِ الْمُبْتَلَّةِ وَيُصَلِّي فِيهِ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَتَرْكُ أَبِي زَيْدٍ الْفَرْضَ فِيهِ احْتِيَاطٌ

وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِحَيْثُ (يُمْكِنُ) لِقُوَّتِهِ (تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَاتِهِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعَدًا فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إنْ كَانَ مُسَافِرًا سَفَرَ قَصْرٍ، وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ مُقِيمًا مَعَ مُرَاعَاةِ اعْتِدَالِ الْأَرْضِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْمُرَادُ بِقُوَّتِهِ أَنْ يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذُكِرَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ مَدَاسٍ، إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ مَعَ الْمَدَاسِ لَكَانَ غَالِبُ الْخِفَافِ يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ، فَلَا يُجْزِئُ رَقِيقٌ يَتَخَرَّقُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ، وَلَا ثَقِيلٌ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ كَضَيِّقٍ لَا يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ، وَمُفْرِطِ سِعَةٍ لِأَنَّ اللِّبْسَ إنَّمَا شُرِعَ لِحَاجَةِ الِاسْتِدَامَةِ، وَلَا تَتَأَتَّى إلَّا فِيمَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ.

لَا يُقَالُ سَاتِرٌ وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِصَاحِبِهَا فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ بِهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ الْأَمْرُ بِالْمُقَيَّدِ لَهُ بِدَلِيلِ: اضْرِبْ هِنْدًا جَالِسَةً.

لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَحِلَّ النَّجَاسَةِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ سم عَلَى حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ زِيَادَةَ التَّلْوِيثِ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَسْحُ مَحِلَّ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ تَرْطِيبَهَا أَوْ زِيَادَتَهُ زِيَادَةٌ فِي التَّلْوِيثِ.

نَعَمْ إنْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَعْفُوُّ عَنْهَا الْخُفَّ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا م ر.

أَقُولُ بَلْ يَبْعُدُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْمَسْحِ الْمُؤَدِّي لِلتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ، فَيَجِبُ النَّزْعُ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ عَدَمُ مُخَامَرَةِ النَّجَاسَةِ مَا أَمْكَنَ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ سم يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ بِيَدِهِ وَلَا يُكَلَّفُ حَائِلًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَقِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ جَوَازِ وَضْعِ يَدِهِ فِي الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ بِهَا نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ (قَوْلُهُ: بِشَعْرٍ نَجِسٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَيَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْخِفَافِ مِمَّا لَا يَتَيَسَّرُ خَرْزُهُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ: الْفَرْضُ فِيهِ) أَيْ الْخُفِّ الْمَخْرُوزِ بِالشَّعْرِ النَّجِسِ.

(قَوْلُهُ: كَوْنُهُ قَوِيًّا) الْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْقُوَّةِ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللِّبْسِ، لِأَنَّ بِهِ دُخُولَ وَقْتِ الْمَسْحِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ تَرَدُّدُ الْمُقِيمِ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ وَقْتِ اللِّبْسِ لَا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ لَمْ يَكْفِ م ر سم عَلَى بَهْجَةٌ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ ضَعْفَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَضُرُّ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ حَوَائِجِ السَّفَرِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ.

وَقَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ: أَخَذَ ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا لِمُسَافِرٍ بَعْدَ ذِكْرِهِمْ لَهُ وَلِلْمُقِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرَدُّدُ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ، وَسَفَرُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْمُسَافِرِ هُنَا لِلْغَالِبِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُقِيمِ تَرَدُّدُهُ لِحَاجَةِ إقَامَتِهِ الْمُعْتَادَةِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا تَقْدِيرُ سَفَرِهِ وَحَوَائِجِهِ لَهُ وَاعْتِبَارُ تَرَدُّدِهِ لَهَا فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَرَّرْته فَتَأَمَّلْهُ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ هَوَامِشِ الشَّارِحِ مِنْ مَنَاهِيهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَلِحَاجَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ مُقِيمًا: أَيْ حَاجَةُ الْمُقِيمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقِيمًا) هَلْ يُشْتَرَطُ صَلَاحِيَّتُهُ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ تِلْكَ الْمُدَّةِ حَتَّى فِي آخِرِهَا أَمْ يَكْفِي صَلَاحِيَّتُهُ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ آخِرُهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي مَعَ مُلَاحَظَةِ قُوَّتِهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: سُهُولَةً وَصُعُوبَةً) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُفْرِطُ سَعَةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ قُرْبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) أَقُولُ: يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِشَيْءٍ مُقَيَّدٍ إذْ لَا أَمْرَ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَبَيَانِ شُرُوطِ الشَّيْءِ، فَإِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرْطَهُ اللِّبْسُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عُلِمَ أَنَّ اللِّبْسَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يَكْفِي فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ إلَخْ، بَقِيَ أَنَّهُ مِنْ أَيْنَ الْأَمْرُ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ]

قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إذْ الْمَتْنُ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي مَا أَخْرَجَهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: وَلَا ثَقِيلَ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ الْمَتْنِ لَوْلَا قَوْلُ الشَّارِحِ لِقُوَّتِهِ فَوَجَبَ حَذْفُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْأَمْرُ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>