للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ) لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا، وَقِيلَ بِشَرْطِ الْمُجَاهَرَةِ. وَشَرْعًا (الِاسْتِيلَاءُ) وَمَدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا يَظْهَرُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ، فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ الِاسْتِيلَاءِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ ذَبَحَهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ أَتْلَفَ غِذَاءَ الْوَلَدِ الْمُتَعَيَّنِ لَهُ بِإِتْلَافِ أُمِّهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِهَذَا الْفَرْقِ يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرْضِهِمْ فِيمَنْ عَطَّلَ شِرْبَ مَاءِ الْغَيْرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ) وَلَوْ كَلْبًا وَخَمْرًا مُحْتَرَمَيْنِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

ِ (قَوْلُهُ: وَمَدَارُهُ) أَيْ الِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مِنْهُ مَنْعُ الْمَالِكِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مَنْعًا خَاصًّا كَمَنْعِ الْمَالِكِ وَأَتْبَاعِهِ مَثَلًا، أَمَّا الْمَنْعُ الْعَامُّ كَأَنْ مَنَعَ جَمِيعَ النَّاسِ عَنْ سَقْيِهَا فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّبْشِيرِيِّ بِالدَّرْسِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ) أَيْ كَأَنْ حَبَسَهُ مَثَلًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ السَّقْيِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَنْعَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الشَّاةِ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ) لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ شَيْئًا، وَفِي حَجّ ثُمَّ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا: أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ بِضَمَانِ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ أَفْتَى الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ لِقَوْلِهِمْ لَوْ أَخَذَ ثِيَابَهُ مَثَلًا فَهَلَكَ بَرْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لَهُ، وَمَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَا يَرُدُّهُ: أَيْ النَّظَرَ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ ثُمَّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَنْ لِأَرْضِهِ شِرْبٌ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ فَعَطَّلَهُ آخَرُ بِأَنْ أَحْدَثَ مَا يَنْحَدِرُ بِهِ الْمَاءُ عَنْهُ تَأْثِيمُ فَاعِلِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا لَوْ سُقِيَتْ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُسَاقَاةِ اهـ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَمَّلُ حِينَئِذٍ كَوْنَ هَذَا مُؤَيِّدًا لِلْفَرْقِ، فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ رَدُّهُ لَا تَأْيِيدُهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ يَجْعَلُ عِلَّةَ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ سَقْيَ الْأَرْضِ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ بَلْ يُمْكِنُ السَّقْيُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الشَّاةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ وَلَدِ الشَّاةِ سِوَى لَبَنِ أُمِّهِ أَوْ أَنَّ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مُؤَيِّدٌ لِضَمَانِ وَلَدِ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهُ مُؤَيِّدٌ لِعَدَمِ ضَمَانِ الزَّرْعِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ وَجْهَ تَأْيِيدِ مَا هُنَا لِمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ لَبَنَ الشَّاةِ مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا مُتَعَيِّنٌ لِوَلَدِهَا، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ الَّتِي أُعِدَّتْ بِخُصُوصِهَا لِسَقْيِ زَرْعٍ فَإِنَّهَا مُعَدَّةٌ بِحَسَبِ الْقَصْدِ مِمَّنْ هَيَّأَهَا لِذَلِكَ الزَّرْعِ. وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مُعَدًّا لَهُ كَمَاءِ الْأَمْطَارِ وَالسُّيُولِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَلْبًا) أَيْ نَافِعًا، وَخَرَجَ بِهِ الْعَقُورُ: أَيْ وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَالْفَوَاسِقِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا هَلَاكَ وَلَدِ شَاةٍ إلَخْ) قَضِيَّةُ السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا يُسَمَّى غَصْبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَسَيُعِيدُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ فَرْقٍ آخَرَ أَظْهَرَ مِنْ هَذَا. (قَوْلُهُ: يَتَأَيَّدُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِمَا فِي التُّحْفَةِ، لَكِنَّهُ أَغْفَلَ مَا فِي التُّحْفَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهُوَ ضَمَانُ شَرِيكٍ غَوَّرَ مَاءَ عَيْنٍ مِلْكٍ لَهُ وَلِشُرَكَائِهِ فَيَبِسَ مَا كَانَ يَسْقِي بِهَا مِنْ الشَّجَرِ، وَقَوْلُهُ: قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ إلَخْ أَيْ: فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>