للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُرِفَ لِلْوَارِدِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ أَوْ وَقَفَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ عَلَى كَذَا، فَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِجَمِيعِ مَا فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَصِحُّ وَقْفُهُ، وَإِنْ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْعَقَارِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ. .

(الْأَظْهَرُ أَنَّ) (الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ) عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ (يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) (أَيْ) تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ إلَيْهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَكُلُّ الْمَوْجُودَاتِ بِأَثْرِهَا مِلْكٌ لَهُ.

فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَغَيْرُهُ إنْ سَمَّى مَالِكًا فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ (يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ) كَالْعِتْقِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ بَقِيَّةِ حُقُوقِهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِيعُهُ وَهُوَ حَقٌّ آدَمِيٌّ (فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ) وَفِي قَوْلٍ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ فَوَائِدِهِ (وَلَا لِلْمَوْقُوفِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عُرْفٌ مُسْتَمِرٌّ.

وَلَا يَخْفَى الِاحْتِيَاطُ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ: لَوْ وَرَدَتْ الْجَعَالَةُ عَلَى شَيْئَيْنِ يَنْفَكُّ أَحَدُهُمْ عَنْ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدُهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ.

قَالَ: وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ غَيْبَةُ الطَّالِبِ عَنْ الدَّرْسِ بَعْضَ الْأَيَّامِ إذْ قَالَ الْوَاقِفُ مَنْ حَضَرَ شَهْرَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، فَإِنَّ الْأَيَّامَ كَالْعَبِيدِ فَإِنَّهَا أَشْيَاءُ مُتَفَاضِلَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِقِسْطِ مَا حَضَرَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْلَطُ فِيهِ انْتَهَى.

[فَائِدَةٌ] لَا يَسْتَحِقُّ ذُو وَظِيفَةٍ كَقِرَاءَةٍ أَخَلَّ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنْ أَخَلَّ وَاسْتَنَابَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بَقِيَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فَأَفْهَمَ بَقَاءَ أَثَرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِ مُدَّةِ الْإِخْلَالِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الْإِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ، بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ.

قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ جَوَازُ اسْتِنَابَةِ الْأَدْوَنِ، لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمِثْلِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْبَطَالَةِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي عَرَفَهُ، وَإِلَّا فَبِعَادَةِ مَحَلِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ حَجّ.

وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ فِي سَنَةٍ لَا يُعْطَى مِنْ غَلَّةِ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ قَرَائِنِ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ انْتَهَى لَهُ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: صُرِفَ لِلْوَارِدِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ قَاصِدًا لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ أَوْ اتَّفَقَ نُزُولُهُ عِنْدَهُ لِمُجَرَّدِ مُرُورِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَاحْتِيَاجِهِ لِمَحَلٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَقْرِ فِيهِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، فَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ فُقَرَاءَ وَالْبَعْضُ أَغْنِيَاءَ وَلَمْ تَفِ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بِهِمَا قُدِّمَ الْفَقِيرُ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ) أَيْ لِلْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالِانْتِقَالِ.

(قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامًا خَاصَّةً كَالْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ عَلَى مَنْ غُصِبَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ) أَيْ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ إلَخْ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ ثُبُوتُهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الثَّابِتِ بِالِاسْتِفَاضَةِ هَلْ تَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُهُ أَوْ لَا ثُبُوتَ لِشُرُوطِهِ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ خِلَافٍ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُ حَجّ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>