للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ.

فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَمَا لَوْ حِمًى الْوَطِيسَ لِيَخْبِزَ فِيهِ فَجَاءَ آخَرُ وَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يَخْبِزُ فِيهِ.

الْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَبِكَسْرِهَا النَّصِيبُ، وَبِفَتْحِهَا وَالسِّينِ الْحَلِفُ، وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ، أَوْ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ، فَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ.

وَالْغَنِيمَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الْغُنْمِ: أَيْ الرِّبْحِ، وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ، وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا وَلَا عَكْسَ فَهِيَ أَخَصُّ.

وَقِيلَ هُمَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِنَا بَلْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَحْرُقُ مَا جَمَعُوهُ، وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً؛ لِأَنَّ النُّصْرَةَ لَيْسَتْ إلَّا بِهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَذِكْرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ السِّيَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِنْ الْأَمْوَالِ لَيْسَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ كَوَدِيعٍ تَحْتَ يَدِهِ مَالُ غَيْرِهِ سَبِيلُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا.

لَا يُقَالُ بَلْ هُمْ كَالْغَاصِبِ فَيَكُونُ الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْغَاصِبِ وَإِنْ صَحَّ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَإِنَّمَا الْأَظْهَرُ التَّشْبِيهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَا نَظَرَ بِمَا يَغْرَمُ عَلَى مِثْلِهَا حِينَ أَخَذَهَا لِبُعْدَيْ آخِذِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ) وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَضْمَنُ مَاءَ غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ، بَلْ لَوْ نَقَضَ وُضُوءَ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ حَمَّى الْوَطِيسَ) أَيْ الْفُرْنَ. .

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَالسِّينُ) أَيْ وَفَتْحُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا) أَيْ الْغَنِيمَةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِنَا) أَيْ الْغَنَائِمُ (قَوْلُهُ: تَحْرُقُ مَا جَمَعُوهُ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِيهِ.

وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: دَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةَ السَّبْيُ، وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهِمْ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ الْحَصْرُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلرِّقِّ سَبَبٌ آخَرُ وَأَسْبَابٌ أُخَرُ غَيْرَ السَّبْيِ بِدَلِيلِ اسْتِرْقَاقِ السَّارِقِ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ الْمُصَرَّحُ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: ٧٥] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ مَنْ قَبْلَنَا إذَا غَنِمُوا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

(قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدُّنْيَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا سُمِّيَ لِأَجْلِهِ فِينَا فِي قَوْلِهِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا لَيْسَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ رَاجِعٌ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْقَفَّالُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>