للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ) سَوَاءٌ أَكَانَ السَّفَرُ طَاعَةً أَمْ مَكْرُوهًا أَمْ مُبَاحًا وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ، بِخِلَافِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ بِأَنْ عَصَى بِهِ لَا فِيهِ كَسَفَرِ الْهَائِمِ، لِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ وَالدَّابَّةِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ حَرَامٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِإِعْطَائِهِ إعَانَتَهُ وَلَا يُعَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِنْ تَابَ أُعْطِيَ لِبَقِيَّةِ سَفَرِهِ.

(وَشَرْطُ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْحُرِّيَّةُ) الْكَامِلَةُ إلَّا الْمُكَاتَبَ فَلَا يُعْطَى مُبَعَّضٌ وَلَوْ فِي نَوْبَتِهِ (وَالْإِسْلَامُ) فَلَا يُدْفَعُ مِنْهَا لِكَافِرٍ إجْمَاعًا، نَعَمْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ وَعَبْدٍ كَيَّالٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حَافِظٍ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ لَا زَكَاةَ بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعٍ وَإِنْ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَازُ اسْتِئْجَارِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، بِخِلَافِ عَمَلِهِ فِيهِ بِلَا إجَارَةٍ؛ لِأَنَّ فِيمَا يَأْخُذُهُ حِينَئِذٍ شَائِبَةُ زَكَاةٍ، وَبِهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ قَوْلِهِ (وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) وَإِنْ مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْخُمُسِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَبَنُو الْمُطَّلِبِ مِنْ الْآلِ كَمَا مَرَّ، وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ عَلَى أَوْجُهِ احْتِمَالَيْنِ، كَمَا يُؤْخَذُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ مِنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةُ وَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ مِنْ أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ، وَحُرِّمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكُلُّ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَشْرَفُ وَحَلَّتْ لَهُ الْهَدِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا شَأْنُ الْمُلُوكِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ فِي الْأَصَحِّ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» وَالثَّانِي قَالَ الْمَنْعُ فِيهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي أَخَوَاتِهِمْ مَعَ صِحَّةِ حَدِيثِ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» بِأَنَّ أُولَئِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ وَقَبَائِلُ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ غَالِبًا تَمَحَّضَتْ نِسْبَتُهُمْ لِسَادَاتِهِمْ فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ تَحْقِيقًا لِشَرَفِ مَوَالِيهِمْ وَلَمْ يُعْطَوْا مِنْ الْخُمُسِ لِئَلَّا يُسَاوُوهُمْ فِي جَمِيعِ شَرَفِهِمْ، وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ فِي بَالِغٍ تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا لَهُ إلَّا وَلِيُّهُ: أَيْ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُعْطَى لَهُ وَإِنْ غَابَ وَلِيُّهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَقْبِضُهَا، وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِفَاسِقٍ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَيَحْرُمُ: أَيْ وَإِنْ أَجْزَأَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَلِأَعْمَى دَفْعُهَا وَأَخْذُهَا كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُهَا مَرْبُوطَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِجِنْسٍ وَلَا قَدْرٍ وَلَا صِفَةٍ، نَعَمْ الْأُولَى تَوْكِيلُهُمَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى (مَنْ) (طَلَبَ زَكَاةً) أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَأُرِيدَ إعْطَاؤُهُ وَآثَرَ الطَّلَبَ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ (وَعَلِمَ الْإِمَامُ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ يَتَقَدَّمْ هَذَا فِي كَلَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْهَائِمَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ: أَيْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ سَفَرٌ لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَسَفَرِ الْهَائِمِ

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكُلُّ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى]

(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَقَدْرُ الْمُعْطَى) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْإِعْطَاءِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَأُرِيدَ إعْطَاؤُهُ) أَيْ بِأَنْ اقْتَضَاهُ الْحَالُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشِّهَابَ حَجّ، لَكِنَّهُ أَسْقَطَ مَا أَحَالَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ مِمَّا قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَقِيرِ وَمَالِهِ الْغَائِبِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ انْتَهَى.

فَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ أَسْقَطَ ذَاكَ قَصْدًا فَتَبَعِيَّتُهُ هُنَا فِي هَذِهِ الْإِحَالَةِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ النُّزْهَةَ غَيْرُ حَامِلَةٍ لَهُ عَلَى السَّفَرِ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي لَهُ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مُسْتَنِدِ الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى

<<  <  ج: ص:  >  >>