للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ، وَيُسَنُّ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا التَّصَدُّقُ بِالْقَدِيمِ وَهَلْ قَبُولُ الزَّكَاةِ لِلْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مِنْ قَبُولِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ الْأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا، وَرَجَّحَ الثَّانِيَ آخَرُونَ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَاحِدًا مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ وَإِنْ قَطَعَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا مِنْهُ لَا يَتَصَدَّقُ فَلْيَأْخُذْهَا فَإِنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ تَخَيَّرَ وَأَخْذُهَا أَشَدُّ فِي كَسِرِّ النَّفْسِ اهـ: أَيْ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ.

كِتَابُ النِّكَاحِ هُوَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْوَطْءُ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِاللَّفْظِ الْآتِي، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ، وَيُكَنَّى بِهِ عَنْ الْعَقْدِ لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ وَإِرَادَتِهِ فِي {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] دَلَّ عَلَيْهَا خَبَرُ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِالْعَقْدِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضِقْ بِالزَّكَاةِ) أَيْ لَمْ يَضِقْ بِأَخْذِهِ مِنْهَا عَلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ.

كِتَابُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ الْإِنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِصِحَّةِ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ عَلَامَةُ الْمَجَازِ كَقَوْلِك فِي الْبَلِيدِ لَيْسَ حِمَارًا وَقَوْلُهُ: نَفْيُهُ أَيْ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ.

أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى هَذَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَيُكَنَّى بِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَقَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ: أَيْ النِّكَاحِ: وَقَوْلُهُ: كَفِعْلِهِ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ اهـ حَجّ.

وَقَوْلُهُ: وَإِرَادَتِهِ: أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ) مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ إلَّا إذَا نَوَاهُ. ا. هـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ شُهْرَتُهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ نَوَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَتِهِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ النِّكَاحِ]

ِ (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ وَطْءٍ) فِيهِ ذَهَابٌ إلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ إبَاحَةٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ) أَيْ وَصِحَّةُ النَّفْيِ دَلِيلُ الْمَجَازِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْبَاحِ ذِكْرِهِ كَفِعْلِهِ) أَيْ وَالْأَقْبَحُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ لِاسْتِقْبَاحِ أَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِلِاسْتِحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا) وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ، الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ إذْ هُوَ فِي التُّحْفَةِ الَّتِي مَا هُنَا مَنْقُولٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>