للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَوْنُ مَفْهُومِ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحَجَّةٍ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ، وَهُنَا قَرِينَتَانِ: الْعُدُولُ إلَى التُّرَابِ فِي الطَّهُورِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ جَمِيعِهَا فِي الْمَسْجِدِيَّةِ، وَكَوْنُ السِّيَاقِ لِلِامْتِنَانِ الْمُقْتَضِي تَكْثِيرَ مَا يَمْتَنُّ بِهِ.

فَلَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى التُّرَابِ دَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ، وَطَهَارَةُ التَّيَمُّمِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَاخْتَصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ، بِخِلَافِ الدَّبَّاغِ فَإِنَّهُ نَزْعُ الْفُضُولِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ (طَاهِرٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الطَّهُورَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا بِمُسْتَعْمِلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] وَمَرَّ تَفْسِيرُهُ بِالتُّرَابِ الطَّاهِرِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ، وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] إذْ الْإِتْيَانُ بِمِنْ الْمُفِيدَةِ لِلتَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنْ يَمْسَحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ إنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ تُرَابٌ ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِبَارَةُ حَجّ وَصَحَّ «جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَتُرْبَتُهَا، وَهُمَا مُتَرَادِفَانِ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ لَنَا طَهُورًا (قَوْلُهُ: الْمَنْخُولُ) بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ كِتَابٍ لَلْغَزَالِيِّ فِي أُصُولِ الدِّينِ (قَوْلُهُ: لِلِامْتِنَانِ) فِي كَوْنِ الِامْتِنَانِ قَرِينَةَ شَيْءٍ سم عَلَى حَجّ: أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُهُ مِنْ بَيْنِ أَنْوَاعِ مَا يُمْتَنُّ بِهِ لِحِكْمَةٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هُنَا امْتِهَانَ التُّرَابِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: فَاخْتَصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ) يُفِيدُ أَنَّ طَهَارَةَ الْوُضُوءِ تَعَبُّدِيَّةٌ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْوُضُوءِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ لَكِنَّهُ رُجِّحَ ثُمَّ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَلَعَلَّ التَّشْبِيهَ فِي مُجَرَّدِ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا وَرَدَ أَوْ أَنَّهُ جَرَى هُنَا عَلَى غَيْرِ مَا رَجَّحَهُ ثُمَّ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ النَّزْعُ (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ الطَّهُورَ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: أَرَادَ بِهِ الطَّهُورَ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى: يَعْنِي لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّأْوِيلِ إخْرَاجُ الْمُسْتَعْمَلِ وَهُوَ إنَّمَا يَخْرُجُ حَيْثُ أُرِيدَ بِالطَّاهِرِ الطَّهُورُ لَا مَا يَشْمَلُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ فِي حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ حُجَّةٌ) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لِثِقَتِهِ وَدِيَانَتِهِ لَا يَنْقُلُ تَفْسِيرًا فِي اللُّغَةِ إلَّا إذَا سَمِعَهُ مِنْ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ فِيهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَنَحْوَهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَا يُحْتَجُّ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الْكَلِمَةِ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِمْ، وَالشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ لَمْ يَقُلْ قَالَ الْعَرَبُ كَذَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: ضَعَّفَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ) وَكَانَ حَنَفِيًّا وَأَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَقَطَتْ جَبِيرَةٌ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَتْ كَنَزْعِ الْخُفِّ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا بَانَ شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ مَا إذَا تَرَدَّدَ فِي بُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ وَطَالَ التَّرَدُّدُ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْبُرْءَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَلْحَظَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَلْحَظِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ، فَالشَّيْخُ تَصَرَّفَ فِيهَا وَفِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِمَا تَرَى.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

(قَوْلُهُ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ» إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ (قَوْلُهُ: لِلِامْتِنَانِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ فِيهِ شَيْءٌ اهـ. وَتَوَقُّفُهُ كَمَا تَرَى إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهَا فِي حَيِّزِ الِامْتِنَانِ لَا فِي كَوْنِ الِامْتِنَانِ دَالًّا عَلَى خُصُوصِ التُّرَابِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) لَعَلَّ التَّشْبِيهَ فِي مُجَرَّدِ الِاخْتِصَاصِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لَهُ فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ شَيْءٌ خُصُوصًا مَعَ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، فَلَعَلَّهُ هُنَا مَشَى عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: مَا يَشْمَلُ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا كَالْخَبَرِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ الِاسْتِدْلَال بِهِمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْآيَةِ، ثَمَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تُرَابٌ) لَعَلَّ صَوَابَهُ غُبَارٌ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>