للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الرَّجْعَةِ هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ، وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ. لُغَةً: الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ، وَشَرْعًا: رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ. وَأَرْكَانُهَا: مَحَلٌّ وَصِيغَةٌ وَمُرْتَجِعٌ (شَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّهَا كَإِنْشَائِهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَمُرْتَدٍّ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْحِلُّ وَالرِّدَّةُ تُنَافِيهِ (بِنَفْسِهِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِنَقْصِهِمَا، وَتَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ وَسَكْرَانَ وَعَبْدٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ تَغْلِيبًا لِكَوْنِهَا اسْتِدَامَةً وَذِكْرُ الصَّبِيِّ وَقَعَ فِي الدَّقَائِقِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ طَلَاقٍ عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِحَمْلِهِ عَلَى فَسْخٍ صَدَرَ عَلَيْهِ وَقُلْنَا إنَّهُ طَلَاقٌ أَوْ عَلَى مَا لَوْ حَكَمَ حَنْبَلِيٌّ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الشَّيْءِ إمْكَانُهُ فَالِاسْتِشْكَالُ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ رَجْعَةُ مُحْرِمٍ وَمُطَلِّقِ أَمَةٍ مَعَهُ حُرَّةٌ لِأَنَّ كُلًّا أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مَانِعٌ عَرَضَ لَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ كَمَا يَأْتِي رَجْعَةُ مُطَلِّقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا، وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لِلنِّكَاحِ لِوُجُودِ مَانِعٍ لِذَلِكَ هُوَ الْإِبْهَامُ، وَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ فَرَاجَعَ احْتِيَاطًا ثُمَّ بَانَ وُقُوعُهُ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ) أَيْ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلْمَرَّةِ، وَهِيَ بِالْفَتْحِ. وَأَمَّا الَّتِي بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِلْهَيْئَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وَمِنْهُ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ عَدَدَ طَلَاقِهَا وَأَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً مَحَلًّا لِحِلٍّ، بِخِلَافِ الْمُبْهَمَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَمُرْتَدٍّ) أَيْ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانَ) أَيْ مُعْتَدٍ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَأَقْوَالُهُ كُلُّهَا لَاغِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيٌّ) أَيْ فِي السَّفِيهِ، وَقَوْلُهُ وَسَيِّدٌ أَيْ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا إنَّهُ طَلَاقٌ) عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَانْظُرْ إذَا طَلَّقَ الصَّبِيُّ وَحَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِصِحَّةِ طَلَاقِهِ، هَلْ لِوَلِيِّهِ الرَّجْعَةُ حَيْثُ يُزَوِّجُهُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْمَجْنُونِ اهـ؟ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ قِيَاسًا عَلَى ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا عِنْدَ الْحَنْبَلِيِّ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَدِّيَ إلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَبِمُوجَبِهِ، وَكَانَ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ امْتِنَاعُ الرَّجْعَةِ وَأَنَّ حُكْمَهُ بِالْمُوجِبِ يَتَنَاوَلُهَا احْتَاجَ فِي رَدِّهَا إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ: إمْكَانُهُ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحِيلًا كَقَوْلِك هَذَا الْمَيِّتُ لَا يَتَكَلَّمُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَنَعَ مَانِعٌ) وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَوُجُودُ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْوُضُوءِ فِيمَنْ شَكَّ ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ وَالْعِبَادَاتُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ ظَنِّ الْمُكَلَّفِ لِئَلَّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الرَّجْعَةِ] [أَرْكَانُ الرَّجْعَةِ]

ِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا أَهْلٌ لِلنِّكَاحِ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمْلَةِ) يُعَكَّرُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُكْرَهِ، فَلَوْ عُلِّلَ بِتَغْلِيبِ الِاسْتِدَامَةِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>