للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافِ الْقَائِلِ بِإِبَاحَتِهِ وَحُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ (وَلَا يُعَزَّرُ) عَلَى الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ (إلَّا مُعْتَقِدٌ تَحْرِيمَهُ) بِخِلَافِ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ وَجَاهِلٍ تَحْرِيمَهُ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ مَعْصِيَةً، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: لَا يُنْكَرُ إلَّا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ سَهْوٌ، بَلْ يُنْكَرُ أَيْضًا مَا اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. نَعَمْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ، فَحِينَئِذٍ لَا يُعَزَّرُ الشَّافِعِيُّ فِيهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلْيُقَيَّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا (وَيَجِبُ) لَهَا بِوَطْئِهِ (مَهْرُ مِثْلٍ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ) لِلشُّبْهَةِ وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ التَّشْطِيرِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ (وَكَذَا) يَجِبُ لَهَا (إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَرْفَعُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يَجِبُ فِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ فِي وُجُوبِهِ مِنْ النَّصِّ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّاجِحُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَرْفَعُ أَثَرَ التَّخَلُّفِ. لَا يُقَالُ: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فَإِيجَابُ مَهْرٍ ثَانٍ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِمَهْرَيْنِ وَأَنَّهُ مُحَالٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ مُوجِبُهُ الشُّبْهَةَ لَا الْعَقْدَ.

(وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ) وَلَوْ بِمَالٍ، فَلَوْ قَالَ وَلَهُ مُطَلَّقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَغَيْرُ مُطَلَّقَةٍ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الرَّجْعِيَّةُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي عِصْمَتِي أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ لَهَا (وَلِعَانٌ وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَالرَّجْعِيَّةُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْفِطْرِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْغَيْرِ بَعْدَ نَفْيِ التَّعْزِيرِ فِي الْوَطْءِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُقَالَ لَمْ يُعَزَّرْ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّهُ قِيلَ إنَّهُ رَجْعَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ جُعِلَ اعْتِقَادُ حِلِّهِ شُبْهَةً مَانِعَةً مِنْ التَّعْزِيرِ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَحِينَئِذٍ الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزِّرُ الشَّافِعِيَّ إلَخْ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فَلْيُقَيِّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَاطِئِ وَالْحَاكِمِ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ فَلَا يُفِيدُ مَقْصُودَهُ مِنْ أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُعَزِّرُهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ سم عَلَى حَجّ فِي مَنْعِ كَوْنِ الشَّافِعِيِّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ بِمَا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُمْ هُنَا مِنْ أَنَّ مُعْتَقِدَ الْحِلِّ كَالْحَنَفِيِّ لَا يُعَزَّرُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ. وَنَقَلَ عَنْ التَّعَقُّبَاتِ لِابْنِ الْعِمَادِ التَّصْرِيحَ بِمَا قَالَهُ سم، وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ الْحَنَفِيِّ إذَا شَرِبَ النَّبِيذَ وَبَيْنَ عَدَمِ تَعْزِيرِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا بِأَنَّ الْوَطْءَ عِنْدَهُ رَجْعَةٌ فَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَرُفِعَ لِلشَّافِعِيِّ لَا يَحُدُّهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٍ) أَيْ وَفَاعِلٍ جَاهِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَصْرِيحُهُمْ) لَمْ يَقُلْ وَهِيَ مُرَاعَاةٌ لِلْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَصْرِيحُهُمْ وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ وَقَعَ فِيهِ الضَّمِيرُ بَيْنَ مُؤَنَّثٍ وَمُذَكَّرٍ الْأَوْلَى فِيهِ مُرَاعَاةُ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قُلْنَا بِالْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزَّرُ) هَذَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْزِيرُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكٍ، وَتَعْزِيرُ حَنَفِيٍّ صَلَّى بِوُضُوءٍ لَا نِيَّةَ فِيهِ أَوْ وَقَدْ مَسَّ فَرْجَهُ، وَمَالِكِيٌّ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ؛ أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ. وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِهَا فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُمْ هُنَا مِنْ أَنَّ مُعْتَقِدَ الْحِلِّ كَالْحَنَفِيِّ لَا يُعَزَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلْيُقَيَّدْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ الرَّجْعِيَّةُ) أَيْ كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي عِصْمَتِي إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا إنْ فَعَلَتْ كَذَا لَا يُبْقِيهَا لَهُ عَلَى عِصْمَتِهِ لَمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالرَّجْعِيَّةِ]

قَوْلُهُ: وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ لَهُ) هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا يُعَزِّرُ إلَّا مُعْتَقِدَ التَّحْرِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>