للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَلِّلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِالتَّشْبِيكِ كَالْوُضُوءِ، وَيَجِبُ إنْ لَمْ يُفَرِّقْهَا فِي الضَّرْبَتَيْنِ لِيُوَصِّلَ التُّرَابَ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ مَسْحُهُ أَوْ فَرَّقَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ: لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ وَجْهِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي حُصُولِ الْمَسْحِ فَاحْتَاجَ إلَى التَّخْلِيلِ لَيَحْصُلَ تَرْتِيبُ الْمَسْحَيْنِ (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَبْلُغَ التُّرَابُ مَحَلَّهُ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ التُّرَابَ كَثِيفٌ لَا يَسْرِي إلَى مَا تَحْتَ الْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِيَكُونَ مَسْحُ الْوَجْهِ بِالْيَدِ اتِّبَاعًا لَلسُّنَّةِ، وَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ، وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لَعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ الْغَرَضُ بِتَحْرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِسَعَتِهِ كَفَى، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ عَدَمَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ فِي الطُّهْرِ بِهِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ أَوْ نَزْعِهِ وَجَبَ.

لَا يُقَالُ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ غَيْرُ كَافٍ وَإِنْ اتَّسَعَ إذْ بِانْتِقَالِهِ لِلْخَاتَمِ ثُمَّ عَوْدُهُ لِلْعُضْوِ يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا، وَلَيْسَ كَانْتِقَالِهِ لِلْيَدِ الْمَاسِحَةِ ثُمَّ عَوْدُهُ لِلْحَاجَةِ إلَى هَذَا دُونَ ذَاكَ لِأَنَّا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الْحَاجَةِ هُنَا لِصَيْرُورَتِهِ نَائِبًا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْيَدِ، وَأَيْضًا فَوُصُولُ التُّرَابِ لِمَحَلٍّ مَعَ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ فِي حُكْمِ عَدَمِ وُصُولِهِ فَبِرَفْعِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ يُفْرَضُ كَأَنَّهُ أَوَّلُ مَا وَصَلَهُ الْآنَ فَافْهَمْ، وَالْخَاتَمُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا.

وَيُسَنُّ عَدَمُ تَكْرَارِ الْمَسْحِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ تَخْفِيفُ الْغُبَارِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَشَرْطُ صِحَّتِهِ عَدَمُ نَجَاسَةٍ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ، فَلَوْ مَسَحَ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ، فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ وَلِهَذَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ ثَمَّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ الْمُفْتَى بِهِ، وَلَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لَمْ يَبْطُلْ إنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ سَتْرِهَا صَحَّ لِأَنَّ مُنَافَاةَ النَّجَاسَةِ لِلصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنْ مُنَافَاةِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، أَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ لِقِلَّةِ الْمُنَافَاةِ لَهَا، بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ صَحَّتْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ فَقَالَ (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ فَوَجَدَهُ) أَوْ تَوَهَّمَهُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ كَمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هُنَا وُجُوبُ النَّفْضِ مُطْلَقًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالتُّرَابِ الْمَانِعُ مَا يُلْصَقُ بِالْعُضْوِ فَيَحُولُ بَيْنَ التُّرَابِ الْمَمْسُوحِ بِهِ وَبَيْنَ الْعُضْوِ، وَمُرَادُهُ بِمَا لَا يَمْنَعُ تُرَابٌ خَشِنٌ لَا يُلْصَقُ بِالْعُضْوِ فَلَا يَحُولُ بَيْنَ تُرَابِ التَّيَمُّمِ وَالْعُضْوِ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ كَالتَّفْرِقَةِ فِي الرَّمَلِ بَيْنَ مَا يُلْصَقُ وَمَا لَا يُلْصَقُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تُرَابَ السَّفَرِ عَلَى الْعُضْوِ وَهُوَ يَقْتَضِي مَنْعَ وُصُولِ تُرَابِ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِهِ) خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَزَالَهَا وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا: أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَتْ الْأَحْجَارَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهَا فِي النَّادِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ ذَلِكَ: أَيْ الْغُسْلِ أَوْ اسْتِعْمَالِ الْأَحْجَارِ يَتَوَضَّأُ أَوْ يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُعِيدُ.

وَقَيَّدَ حَجّ الْبُطْلَانَ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي لِإِزَالَةِ الْخَبَثِ الْقَادِرِ عَلَى إزَالَتِهِ انْتَهَى.

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ) خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَوَهَّمَهُ) مِنْهُ مَا لَوْ تَوَهَّمَ زَوَالَ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ كَأَنْ تَوَهَّمَ زَوَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَهُوَ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ الْمَمْسُوحِ بِهِ وَبَيْنَ خَلِيطِ أَجْنَبِيٍّ طَارِئٍ فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا

[أَحْكَامُ التَّيَمُّمِ]

[أَحَدُهَا مَا يُبْطِلُهُ غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ لَهُ]

(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي)

<<  <  ج: ص:  >  >>