للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالظِّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ.

(وَلَوْ) (رَاجَعَ) مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا رَجْعِيَّةً أَوْ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا عَقِبَ الظِّهَارِ (أَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ (ثُمَّ أَسْلَمَ) (فَالْمَذْهَبُ) بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَوْدِ أَحْكَامِ الظِّهَارِ (أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ) وَإِنْ طَلَّقَهَا عَقِبَهَا (لَا الْإِسْلَامِ بَلْ) إنَّمَا يَعُودُ بِإِمْسَاكِهَا (بَعْدَهُ) زَمَنًا يَسَعُ الْفُرْقَةَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ خَاصَّةً وَمَقْصُودُ الْإِسْلَامِ الْعَوْدُ لِلدِّينِ الْحَقِّ وَالِاسْتِبَاحَةُ أَمْرٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.

(وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ) لِاسْتِقْرَارِهَا بِالْإِمْسَاكِ قَبْلَهَا.

[الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارَ]

(وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطْءٌ) لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْإِطْعَامِ وَبِالْقِيَاسِ فِيهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الْحَسَنِ لِلْمُظَاهِرِ «لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» يَشْمَلُهُ وَلِزِيَادَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ. نَعَمْ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ وَلَمْ يَطَأْ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ لِارْتِفَاعِهِ بِانْقِضَائِهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَطِئَ فِيهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يُكَفِّرَ. وَاعْتِرَاضُ الْبُلْقِينِيِّ حِلَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ظِهَارٍ مُؤَقَّتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ نُزُولُهَا فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (لَمْسٌ وَنَحْوُهُ) مِنْ كُلِّ مُبَاشَرَةٍ لَا نَظَرٌ (بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِإِفْضَائِهِ لِلْوَطْءِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَتْ لِمَعْنًى يُخِلُّ بِالنِّكَاحِ فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لِمَ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ تُحَرِّكُ الْقُبْلَةُ وَنَحْوُهَا شَهْوَتَهُ وَغَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ، وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْتَعَ لِوَطْءِ لِشَبَقِهِ وَرِقَّةِ تَقْوَاهُ.

(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ ظَاهَرَ مُؤَقَّتًا ثُمَّ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ بِالتَّكْفِيرِ» وَإِذَا صَحَّحْنَاهُ كَانَ (مُؤَقَّتًا) كَمَا الْتَزَمَهُ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْقَسَمِ (وَفِي قَوْلٍ) بَلْ يَكُونُ (مُؤَبَّدًا) تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَتَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (لَغْوٌ) مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَّتَهُ كَانَ كَالتَّشْبِيهِ بِمَنْ لَا تَحْرُمُ تَأْبِيدًا، وَيَرُدُّهُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا غَلَّبُوا شَائِبَةَ الْقَسَمِ هُنَا دُونَ الطَّلَاقِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَعَكَسُوا ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ صِيغَةَ الظِّهَارِ أَقْرَبُ إلَى صِيغَةِ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ إفَادَةُ التَّحْرِيمِ فَأُلْحِقْت بِهَا فِي قَبُولِهَا التَّشْرِيكَ فِيهَا. وَأَمَّا حُكْمُ الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ مُشَابِهٌ لِلْيَمِينِ دُونَ الطَّلَاقِ فَأُلْحِقَ الْمُؤَقَّتُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ بِالْيَمِينِ فِي حُكْمِهِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْقِيتِ كَالْيَمِينِ دُونَ التَّأْبِيدِ كَالطَّلَاقِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ صِحَّتِهِ مُؤَقَّتًا.

(الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ مَلَكَهَا، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ لَاعَنَهَا.

(قَوْلُهُ رَجْعِيَّةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ بِإِمْسَاكِهَا بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَجَزَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ عَلَى شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ مَا يُوَافِقُهُ، ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِهِ فِي آخِرِ الْكَفَّارَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَصْلٌ إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ: أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ اهـ. وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَدْفَعُ بِهِ خُصُوصَ الْعَنَتِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْقَضِيَ) أَيْ الْمُدَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ لَمْ يَحْرُمْ الْوَطْءُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِذَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَلَّ الْوَطْءُ لِارْتِفَاعِ الظِّهَارِ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ اهـ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ) أَيْ مَا مَرَّ تَحْرِيمُهُ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِشَبَقِهِ) أَيْ لِقُوَّةِ شَبَقِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَطِئَ فِيهَا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ) أَيْ ثَانِيًا كَمَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>