للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ بِأَنْ يُسْلِمَ فَيَشْتَرِيَهُ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ نِيَّتُهَا عَدَمَ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا، وَعَدَمُ وُجُوبِ مُقَارَنَتِهَا لِنَحْوِ الْعِتْقِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَصَوَّبَهُ وَوَجَّهَهُ بِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَتُقْرَنُ بِنَحْوِ عَزْلِ الْمَالِ كَالزَّكَاةِ وَيَكْفِي قَرْنُهَا بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ عَلِمَ وُجُوبَ عِتْقٍ عَلَيْهِ وَشَكَّ أَهُوَ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَجْزَأَهُ نِيَّةُ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ (لَا تَعْيِينُهَا) عَنْ ظِهَارٍ مَثَلًا لِأَنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ، فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا قَتْلٍ وَظِهَارٍ رَقَبَتَيْنِ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَ عَنْهُمَا أَوْ رَقَبَةً كَذَلِكَ أَجْزَأَتْ عَنْ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً، وَلَهُ صَرْفُهُ إلَى إحْدَاهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَّا الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ أَدَّى مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ بَعْضَهَا مُبْهِمًا فَإِنْ لَهُ تَعْيِينَ بَعْضِهَا لِلْأَدَاءِ، نَعَمْ لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ غَلَطًا لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْمَانِعِ الشَّامِلِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.

(وَخِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) ثَلَاثٌ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) فَصَوْمٌ فَإِطْعَامٌ كَمَا يُفِيدُ سِيَاقُهُ الْآتِي، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مِثْلَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُظَاهِرٌ مُوسِرٌ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُوسِرٌ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِأَنْوَاعِهَا جَازَ لَهُ الْوَطْءُ، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّ حُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُظَاهِرُ مُوسِرًا، أَمَّا الْعَاجِزُ فَيَجُوزُ لَهُ وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُظَاهِرُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَالْإِطْعَامُ: أَيْ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. فَإِنْ قُلْت: هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ قُلْنَا: لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْلِيقُ إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ آخِرَ الْبَابِ مَا نَصُّهُ: فَصْلٌ: إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ: أَيْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ اهـ. وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَوْ قَتَلَ قَمْلَةً مِنْ لِحْيَتِهِ سُنَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِلُقْمَةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَلَوْ تَعَرَّضَ لِصَيْدٍ مُحْرِمًا أَوْ بِالْحَرَمِ وَشَكَّ أَنَّهُ مِمَّا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ فَدَاهُ نَدْبًا فَقَدْ تَكُونُ الْكَفَّارَةُ مَنْدُوبَةً اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي هِيَ مُرَادَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ الْكَفَّارَةُ وَالصَّلَاةُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِالتَّعْلِيقِ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: نَازِعَةٌ) أَيْ مَائِلَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ تَعْيِينَ بَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا عَيَّنَهُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَا أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا هُوَ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ لَا يَمْلِكُهُ الدَّائِنُ إلَّا بِالرِّضَا، هَذَا لَوْ أَسْقَطَ بَعْضَهَا وَقَالَ تَعْيِينَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) وَظَاهِرُهُ حُصُولُ الْعِتْقِ مَجَّانًا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ. ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِهِ وَعِبَارَتُهُ: قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ ع قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَبَقَ فِي الْخِصَالِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَلْغُوَ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَبْقَى أَصْلُ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ تَلْغُوَ الْإِضَافَةُ وَتَقَعَ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، وَقُرِئَ بِالدَّرْسِ بِهَامِشِ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ: أَيْ وَلَا يَعْتِقُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اسْتِنْبَاطِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ مِنْ الْمَرْجُوحِ فِي الْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ تَرْجِيحُ مَا نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ رَقِيقِهِ الْكَافِرِ عَنْ كَفَّارَتِهِ عَلَى إسْلَامِهِ فَأَسْلَمَ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ إذَا أَسْلَمَ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُجْزِئُ عَنْهَا) خَرَجَ بِهِ عِتْقُ التَّطَوُّعِ، وَمَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ عَبْدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ وَلَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَعَدَمُ وُجُوبِ مُقَارَنَتِهَا إلَخْ.) لَعَلَّ وَجْهَ إفَادَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ وَعَدَمُ تَقْيِيدِهِ (قَوْلُهُ: فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ النِّيَّةِ) يَعْنِي: فَاحْتَجْنَا لِلْحُكْمِ بِجَوَازِ التَّقْدِيمِ

[خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ]

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مِثْلَهَا إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>