للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الرَّضَاعِ هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ وَقَدْ تُبْدَلُ ضَادُهُ تَاءً، لُغَةً: اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَشَرْعًا اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ بِشُرُوطٍ تَأْتِي، وَهِيَ مَعَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودُ بِالْبَابِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّحْرِيمِ بِهِ فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ اللَّبَنَ جُزْءُ الْمُرْضِعَةِ وَقَدْ صَارَ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّضِيعِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا فِي النَّسَبِ، وَلِقُصُورِهِ عَنْهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ نَحْوِ إرْثٍ وَعِتْقٍ وَسُقُوطِ قَوَدٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ، وَفِي وَجْهٍ ذَكَرَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ بِهِ ذِكْرُهُ عَقِبَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ غُمُوضٌ.

وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إنَّ الرَّضَاعَ وَالْعِدَّةَ بَيْنَهُمَا تَشَابُهٌ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ فَجُعِلَ عَقِبَهَا لَا عَقِبَ تِلْكَ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ إلَّا الذَّوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ، الْأَنْسَبُ بِمَحَلِّهِ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ التَّحْرِيمِ، وَأَرْكَانُهُ رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ (إنَّمَا يَثْبُتُ) الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ (بِلَبَنِ امْرَأَةٍ) لَا رَجُلٍ لِأَنَّ لَبَنَهُ لَا يَصْلُحُ لِلْغِذَاءِ، نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَا خُنْثَى مَا لَمْ يَبِنْ أُنْثَى، وَلَا بَهِيمَةٍ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَ مِنْهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الْأُمُومَةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ دُونَ الْأُبُوَّةِ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي آدَمِيَّةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ جِنِّيَّةٍ لِأَنَّهُ تِلْوَ النَّسَبِ لِخَبَرِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَاَللَّهُ قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قِيلَ إنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الرَّضَاعِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَالرَّضَاعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَقَدْ رَضِعَ الصَّبِيُّ أُمَّهُ بِكَسْرِ الضَّاد يَرْضَعُهَا بِفَتْحِهَا رَضَاعًا.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ أَهْلُ نَجْدٍ رَضَعَ يَرْضِعُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ رَضَعًا كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، وَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ وَامْرَأَةٌ مُرْضِعٌ: أَيْ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ، فَإِنْ وَصَفْتهَا بِإِرْضَاعِهِ قُلْت مُرْضِعَةٌ اهـ.

وَفِي الْمُخْتَارِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَارْتَضَعَتْ الْعَنْزُ: أَيْ شَرِبَتْ لَبَنَ نَفْسِهَا اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ ارْتَضَعَ الصَّبِيُّ إذَا شَرِبَ لَبَنَ أُمِّهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ رَضِعَ بِكَسْرِ الضَّادِ وَفَتْحِهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُبْدَلُ ضَادُهُ) ظَاهِرُهُ عَلَى اللُّغَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: وَشُرْبُ لَبَنِهِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ) كَالزُّبْدِ وَالْجُبْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ: وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ) أَيْ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ بِهِ وَإِلَّا فَفِي تَفَاصِيلِهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا) أَيْ وَلَمَّا كَانَ حُصُولُهُ بِسَبَبِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ الْفَحْلِ سَرَى إلَى الْفَحْلِ وَأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ كَمَا يَأْتِي وَنَزَلَ مَنْزِلَةَ مَنِيِّهِ فِي النَّسَبِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِقُصُورِهِ) أَيْ اللَّبَنِ، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: دُونَ نَحْوِ إرْثٍ) أَيْ كَالْحُدُودِ وَعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِ حَبْسِ الْوَالِدِ لِدَيْنِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ غُمُوضٌ) أَيْ خَفَاءٌ (قَوْلُهُ: وَلِفَرْعِهِ) أَيْ وَلِأُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي مِنْ انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ إلَى أُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَحَوَاشِي الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ الْبِكْرُ طِفْلًا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ مُسْتَوْلَدَاتٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تِلْوَ النَّسَبِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>