للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَجْرِ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْمُؤَنُ فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَا فَعَلَتْهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ أَيْ وَإِنْ أَكَلَتْهُ نِيئًا أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ أَوْ قِيمَةٍ بِأَنْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ فَذَكَرَ الطَّلَبَ فِيهِ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ لِكَوْنِ بَذْلِهِ مُتَضَمِّنًا لِطَلَبِهِ مِنْهَا قَبُولَ مَا بَذَلَهُ (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَشَرْطُهُ التَّرَاضِي (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْ وَاجِبِهَا فِي الْيَوْمِ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا مِنْ الزَّوْجِ لَا غَيْرَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ بِجَامِعِ اسْتِقْرَارِ كُلٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، فَخَرَجَ بِالِاسْتِقْرَارِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالنَّفَقَةُ الْمُسْتَقْبِلَةُ كَمَا جَزَمَا بِهِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلسُّقُوطِ (إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا) وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَوَّضَهُ عَنْ الْحَبِّ الْمُوَافِقِ لَهُ جِنْسًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ رِبًا، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ عَنْ كَثِيرِينَ، ثُمَّ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ اعْتِيَاضٌ بِعَقْدٍ.

وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَرَّدَ اسْتِيفَاءٍ.

قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ (وَلَوْ أَكَلَتْ) مُخْتَارَةً عِنْدَهُ (مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ إكْرَامًا لَهُ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) إنْ أَكَلَتْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ، قَالَ: وَتَصْدُقُ هِيَ فِي قَدْرِ مَا أَكَلَتْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا مَا نَفَتْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَهُ وَلَمْ يَنْقُلْ خِلَافَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لَهُنَّ الرُّجُوعَ وَلَمْ يَقْضِ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ.

وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) وَقِيَاسُ وُجُوبِ أُجْرَةِ الْخُبْزِ وُجُوبُ أُجْرَةِ الطَّبْخِ وَقَدْ تَصْدُقُ الْمُؤْنَةُ بِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا يُطْبَخُ بِهِ) أَيْ مِنْ قُلْقَاسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَطَبِ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ وَالتَّوَابِلُ الَّتِي يُصْلَحُ بِهَا عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَبِّ الْوَاجِبِ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اعْتِيَاضِ الدَّقِيقِ عَنْ الْحَبِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَنْ وَاجِبِهَا) أَيْ يَوْمُ الِاعْتِيَاضِ، أَمَّا الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ) أَيْ لِكَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ) أَيْ وَهُوَ الْجَوَازُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكَلَتْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَطْلَقَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ فَلَا يَسْقُطُ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ سَفِيهَةً، أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ إكْرَامًا لَهُ) أَيْ وَحْدَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ النِّصْفِ أَوْ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ) أَيْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِعَادَتِهَا فِي الْأَكْلِ بَقِيَّةَ الْأَيَّامِ.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْفِعْلِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَغَيْرِهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَّلَ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالْإِيقَادِ تَحْتَ الْقِدْرِ وَوَضْعِ الْقِدْرِ وَغَسْلِ اللَّحْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ وَمَا يَطْبُخُ بِهِ، أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْأَرُزِّ وَالتَّوَابِلِ وَالْأَدْهَانِ وَالْوُقُودِ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) يَعْنِي: مِنْ طَعَامِهِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يَأْكُلُ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>