للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرْتَدُّ لَا يُخَلَّى فَتَخْلِيَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِدَّتِهِ، أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا فَلَا قَوَدَ لِاسْتِصْحَابِ كُفْرِهِ الْمُتَيَقَّنِ فَهُوَ كَمَا قَتَلَهُ بِدَارِنَا فِي صَفِّهِمْ، وَفِيمَا عَدَا الْأُولَى قَوْلٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ طَرْدٌ فِي الْأُولَى، وَفِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْوُجُوبِ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ مَجِيئَهُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ بِدَارِهِمْ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ) (ضَرَبَ) مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ الضَّرْبُ (مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ) دُونَ الصَّحِيحِ غَالِبًا (وَجَبَ الْقِصَاصُ) لِتَقْصِيرِهِ؛ إذْ جَهْلُهُ لَا يُبِيحُ ضَرْبَهُ، فَإِنْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ وَجَبَ جَمِيعُهَا عَلَى الضَّارِبِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لِلْمَرَضِ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) يَجِبُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ عِنْدَهُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ مَعَ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْ نَحْوَ مُؤَدِّبٍ ظَنَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَطَبِيبٍ سَقَاهُ دَوَاءً عَلَى مَا يَأْتِي لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إلَّا دِيَتُهُ: أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَوْ عَلِمَ مَرَضَهُ أَوْ كَانَ ضَرْبُهُ يَقْتُلُ الصَّحِيحَ أَيْضًا وَجَبَ الْقَوَدُ قَطْعًا.

وَلَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَتْلِ ذَكَرَ شُرُوطَ الْقَتِيلِ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) بَلْ وَالضَّمَانِ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ (فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ) لِخَبَرِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (أَوْ أَمَانٌ) بِحَقْنِ دَمِهِ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ، أَوْ أَمَانٌ مُجَرَّدٌ وَلَوْ مِنْ الْآحَادِ، أَوْ ضَرْبُ رِقٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مَالًا لَنَا، نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى مَقْتُولٍ لِصِيَالٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ وَيُعْتَبَرُ لِلْقَوَدِ عِصْمَةُ الْمَقْتُولِ: أَيْ حَقْنُ دَمِهِ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الزُّهُوقِ كَمَا يَأْتِي (فَيُهْدَرُ) بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ الصَّائِلُ إذَا تَعَيَّنَ قَتْلُهُ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ وَ (الْحَرْبِيُّ) وَلَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥] (وَالْمُرْتَدُّ) فِي حَقِّ مَعْصُومٍ لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَيُفَارِقُ الْحَرْبِيَّ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ فَعُصِمَ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ (وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فِي الْعِصْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَنَحْوُهُمَا مُهْدَرُونَ إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُشْكِلُ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ، وَلَكِنْ جَرَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَعَدَمُ الْقَوَدِ صَرِيحُ الرَّوْضِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ) أَيْ ضَرْبِ الرِّقِّ

(قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى مَقْتُولٍ) أَيْ عَلَى قَاتِلِ مَقْتُولٍ، وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ عَبَّرَ بِاللَّامِ بَدَلَ عَلَى لَكَانَ أَظْهَرَ

(قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ) إنَّمَا أَخْذُهُمَا غَايَةٌ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمَا

(قَوْلُهُ: فِي حَقٍّ مَعْصُومٍ) أَيْ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ الْمَعْصُومِ فَلَا يُهْدَرُ فَيُقْتَلُ بِمُرْتَدٍّ مِثْلِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَتَارِكَ الصَّلَاةِ وَقَاطِعَ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمَ قَتْلُهُ إذَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ الْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ بِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مُهْدَرًا لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ

(قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ) أَيْ الْمُرْتَدُّ

(قَوْلُهُ: الْحَرْبِيُّ) أَيْ حَيْثُ هَدَرٌ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَعْصُومٍ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُرْتَدَّ

(قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ

(قَوْلُهُ: وَتَارِكَ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُعْصَمُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ: أَيْ فَلَا يُقْتَلُ حَالَهُمَا لَا الْمُرْتَدُّ: أَيْ فَيُقْتَلُ حَالَ جُنُونِهِ وَسُكْرِهِ اهـ.

وَفِي بَابِ الصَّلَاةِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ تَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَاطِعَ غَيْرُ مُهْدَرٍ عَلَى التَّارِكِ وَبِالْعَكْسِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِهْدَارِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَوْلُهُ كَمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[شُرُوطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ]

قَوْلُهُ: إلَّا بِحَقِّهَا) لَا دَخْلَ لَهُ فِي الدَّلِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِحَقْنِ دَمِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمَانُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِنَحْوِ الْجِزْيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ مُجَرَّدٍ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْمُقَابِلِ لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا ضَمَانَ إلَخْ.) اُنْظُرْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى مَاذَا (قَوْلُهُ: فِي حَقٍّ مَعْصُومٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِشَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>