للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ) (قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعُهِدَ الْجُنُونُ) قَبْلَهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِأَصْلِ بَقَائِهِمَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْإِمْكَانُ وَالْعَهْدُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى زَوَالِ عَقْلِهِ وَادَّعَى الْجُنُونَ وَالْوَلِيُّ السُّكْرَ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ وَأَمْكَنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) عَلَى صِبَاهُ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالٌ لِحَلِفِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَحْلِيفَ كَافِرٍ أَنْبَتَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ وَادَّعَى اسْتِعْجَالَ ذَلِكَ بِدَوَاءٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ إثْبَاتَ صِبَاهُ لِوُجُودِ أَمَارَةِ الْبُلُوغِ فَلَمْ يُتْرَكْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ تَحْلِيفِهِ لَوْ أَنْبَتَ هُنَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ لَا هُنَا كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (وَ) مِنْهَا عَدَمُ الْحِرَابَةِ فَحِينَئِذٍ (لَا قِصَاصَ عَلَى) (حَرْبِيٍّ) إذَا قُتِلَ حَالَ حِرَابَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَيَجِبُ) الْقَوَدُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِجِزْيَةٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَالْمُرْتَدِّ) وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ قُوَّةٌ وَأَتْلَفُوا نَفْسًا أَوْ مَالًا فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ (وَ) مِنْهَا (مُكَافَأَةٌ) بِالْهَمْزَةِ: أَيْ مُسَاوَاةٌ مِنْ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلَهُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ، وَزَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ خَصْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ فَلَا يُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ.

وَالثَّانِيَةُ السَّلَامَةُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ لِحَقِّهِ تَعَالَى (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ مُهْدَرًا بِنَحْوِ زِنًا (بِذِمِّيٍّ) يَعْنِي بِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ كَالْمُسْلِمِ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الدُّنْيَا، لِخَبَرِ «أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ لَا دَلِيلَ لَهُ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدٍ» : أَيْ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ بِهِ فِي الطَّرَفِ فَالنَّفْسُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ إجْمَاعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي رَقِيقَيْنِ تَسَاوِيهِمَا إسْلَامًا وَضِدَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ لِلشُّبْهَةِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَعَارَضَتَا اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ إذَا قَامَتَا بِصِبَاهُ وَبُلُوغِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ عُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ الصِّبَا صُدِّقَ الْجَانِي وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ

(قَوْلُهُ: وَعُهِدَ الْجُنُونُ) وَلَوْ مَرَّةً

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الْجَانِي وَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ

(قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْقَاتِلُ

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إنْ عُهِدَ جُنُونُهُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ لِوُجُودِ

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ فِي الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَالِغِينَ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ قُتِلَ اكْتِفَاءً بِنَبَاتِ الْعَانَةِ

(قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ) يُقَالُ أَقَادَ الْقَاتِلَ بِالْقَتِيلِ قَتَلَهُ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ

(قَوْلُهُ: وَأَتْلَفُوا نَفْسًا) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ اهـ زِيَادِيٌّ

(قَوْلُهُ: مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ) مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامَةِ

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) زَادَ حَجّ الْبُخَارِيَّ

(قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي الْخَبَرِ

(قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ) أَيْ مُسْلِمٌ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ الذِّمِّيِّ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ الْمُسْلِمُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ: أَيْ وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

[شُرُوطُ الْقَاتِلِ]

قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ.) دَلِيلٌ لِلْإِسْلَامِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ نَحْوُ ذِمِّيٍّ بِمُرْتَدٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَمَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>