للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ (مُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْعَمْدِ) الْمَضْمُونِ فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (الْقَوَدُ) بِعَيْنِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْقِصَاصُ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَالدِّيَةُ) فِي النَّفْسِ، وَأَرْشُ غَيْرِهَا (بَدَلٌ) عَنْهُ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوَدِ النَّفْسِ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جُنِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رُدَّ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَمَّا وَجَبَ عَيْنًا كَانَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَكَانَ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ كَحَيَاةِ الْقَتِيلِ (عِنْدَ سُقُوطِهِ) بِنَحْوِ مَوْتٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْهُ عَلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ) مُوجَبُهُ (أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا) هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِ أَصْلِهِ لَا بِعَيْنِهِ الظَّاهِرِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ فِي ضِمْنٍ: أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا، وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يُودَى وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْقَوَدُ وَلَا دِيَةَ كَمَا مَرَّ فِي قَتْلِ مُرْتَدٍّ مُرْتَدًّا آخَرَ، وَفِيمَا لَوْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حَزُّ الرَّقَبَةِ، وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ أَوْ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا وَقَدْ لَا يَجِبُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي قَتْلِ السَّيِّدِ قِنَّهُ (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ) يَعْنِي الْمُسْتَحِقَّ (عَفْوٌ) عَنْ الْقَوَدِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (عَلَى الدِّيَةِ) أَوْ نِصْفِهَا مَثَلًا (بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي) لِأَنَّهُ مُسْتَوْفًى مِنْهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ.

وَلِأَحَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ الْعَفْوُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْعَفْوِ) وَفِيمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَكَوْنِ الْقَطْعِ هَدَرًا فِيمَا لَوْ قَالَ رَشِيدٌ اقْطَعْنِي

(قَوْلُهُ: الْعَمْدِ الْمَضْمُونِ) أَخْرَجَ الصَّائِلَ وَالْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ غَيْرِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَاجِبَ مَا دُونَ النَّفْسِ لَا يُسَمَّى دِيَةً، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ الدِّيَةُ بِالْكَسْرِ حَقُّ الْقَتِيلِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْآتِي مَا نَصُّهُ وَهِيَ أَيْ الدِّيَةُ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ هَذَا إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ وَمَا سَيَأْتِي إطْلَاقٌ شَرْعِيٌّ

(قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الدِّيَةَ، وَقَوْلُهُ بَدَلُ مَا جُنِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَتِيلُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً: أَيْ لَا بَدَلُ الْقَوَدِ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الرَّدِّ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ذَلِكَ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُعْتَرِضِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْقَوَدِ يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ بِالنَّظَرِ لِلتَّعْبِيرِ مَعَ كَوْنِهِ قَائِلًا بِأَنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ الرَّجُلِ

(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مُوجَبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ: يَعْنِي يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُ مَا أَلْزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ، وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْقَوَدَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ لِلُزُومِهِ عَيْنًا فَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَلَمْ يَلْزَمْ مَا ذَكَرَ

(قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ الرَّجُلِ لَا عَنْهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَوْتٍ) أَيْ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ الْقَتْلِ كَقَتْلِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ

(قَوْلُهُ: هُوَ مُرَادُهُ) أَيْ بِهَذَا الْقَوْلِ

(قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يُودَى) أَيْ لَهُ بِأَنْ تُدْفَعَ لَهُ الدِّيَةُ أَوْ يُقَادَ: أَيْ لَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْقَوَدِ وَفِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: بَدَلًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ: لَا عَنْهَا: أَيْ نَفْسُ الْقَتِيلِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَهَذَا أَوْلَى بِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِ أَصْلِهِ) صَوَابُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ مُرَادُهُ بِهِ قَوْلُ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ فِي أَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فِي الْوَاقِعِ لَكِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الظَّاهِرِ، قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ) قَدْ يُوهِمُ أَنَّ مَا مَرَّ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>