للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

ِ جَمْعُ دِيَةٍ، وَهِيَ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا، وَهَاؤُهَا عِوَضٌ مِنْ فَاءِ الْكَلِمَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ، يُقَالُ: وَدَيْت الْقَتِيلَ أَدِيهِ وَدْيًا.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: ٩٢] وَخَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُهُ الْآتِي (فِي) (قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) الذَّكَرِ الْمَعْصُومِ غَيْرِ الْجَنِينِ إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ (مِائَةُ بَعِيرٍ) إجْمَاعًا سَوَاءٌ أَوَجَبَتْ بِالْعَفْوِ أَمْ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ، أَمَّا الرَّقِيقُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْجَنِينُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِمْ، نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالْفَضَائِلِ بِخِلَافِ قِيمَةِ الْقِنِّ؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ اعْتِنَاءً بِهَا لِشَرَفِ الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِأَعْيَانِ مَنْ تَجِبُ فِيهِ، وَإِلَّا لَسَاوَتْ الرِّقَّ، وَهَذِهِ لَمْ يُحَدِّدْهَا فَنِيطَتْ بِالْأَعْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا.

وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ، وَتَارِكِ صَلَاةٍ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ. وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِمْ

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ قِنًّا لِغَيْرِ الْقَتِيلِ أَوْ مُكَاتَبًا وَلَوْ لَهُ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْقِنِّ وَالدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ مُبَعَّضًا وَبَعْضُهُ الْقِنُّ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِ الْقَتِيلِ فَالْوَاجِبُ مُقَابِلُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ وَالرِّقِّ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ.

أَمَّا الْقِنُّ لِلْقَتِيلِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ، إذْ السَّيِّدُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ (مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ (ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً) وَمَرَّ تَفْسِيرُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَبِالْفَاءِ (أَيْ حَامِلًا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الدِّيَاتِ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ حَقُّ الْقَتِيلِ

(قَوْلُهُ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَنَظِيرُهُ زِنَةٌ مِنْ الْوَزْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ) أَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ لَمْ تَفِ قِيمَتُهُ بِالدِّيَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ غَيْرُهَا، فَإِنْ وَفَتْ بِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ كَمَا سَيَأْتِي

(قَوْلُهُ: كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ) وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ

(قَوْلُهُ: وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَتَلَهُمْ مِثْلُهُمْ، لَكِنْ مَرَّ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمُرْتَدٍّ إلَخْ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهَا حَتَّى لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا لِسَيِّدِهِ ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ لَا يَصِحُّ عَفْوُ السَّيِّدِ عَنْ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ، قِيلَ جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَقِيلَ مَخَاضٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمَرْأَةِ تُجْمَعُ عَلَى نِسَاءٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ وَالْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ الدِّيَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيمَا دُونَهَا) شَمِلَ مَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّوْرُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ الدِّيَةِ عَلَى مَعْرِفَتِهَا حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءَ تَعْرِيفِ الْوَدْيِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مِنْهُ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَقَدْ جَعَلَ مَعْرِفَتَهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَأْخُوذِ حَيْثُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ الْوَالِدِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْوَالِدِ الْأَبَ فَنَحْوُهُ الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا) أَيْ الْأَعْيَانَ (قَوْلُهُ: كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِثْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>