للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

عَبَّرَ بِهِ عَنْ الْقَتْلِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا (وَالْقَسَامَةُ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَلِأَيْمَانِهِمْ. وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِأَيْمَانِهِمْ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْأَيْمَانِ مُطْلَقًا؛ إذْ الْقَسَمُ الْيَمِينُ، وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى لِلشَّهَادَةِ بِالدَّمِ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِيمَا يَأْتِي (يُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ دَعْوَى الدَّمِ كَغَيْرِهِ، وَخُصَّ الْأَوَّلُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي؛ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا (أَنْ) تُعْلَمَ غَالِبًا بِأَنْ (يُفَصِّلَ) الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِهِ فَيُفَصِّلُ هُنَا مُدَّعِي الْقَتْلَ (مَا يَدَّعِيه مِنْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ، وَيَصِفُ كُلًّا مِنْهَا بِمَا يَلِيقُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي عَلَى مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الشَّهَادَةِ بِمَا فِيهِ، وَحَذْفُ الْأَخِيرِ لِإِطْلَاقِ الْخَطَأِ عَلَيْهِ (وَانْفِرَادٍ وَشِرْكَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَيَذْكُرُ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ إنْ أَوَجَبَ الْقَتْلُ الدِّيَةَ، نَعَمْ لَوْ قَالَ إنَّهُمْ لَا يَزِيدُونَ عَنْ عَشَرَةٍ مَثَلًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَطَالَبَ بِحِصَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْمَاوَرْدِيِّ السِّحْرَ فَلَا يَشْتَرِطُ تَفْصِيلَهُ لِخَفَائِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْمُدَّعِي (اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي) اسْتِحْبَابًا بِمَا ذُكِرَ لِتَصِحَّ دَعْوَاهُ وَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ.

(وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ) حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ التَّلْقِينِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّلْقِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ قَتَلَهُ عَمْدًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

(قَوْلُهُ: دَعْوَى الدَّمِ) عَبَّرَ بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شُرُوطِ الدَّعْوَى وَبَيَانِ الْأَيْمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَبِيهٌ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَلَيْسَ مِنْ الْجِنَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْقَسَامَةُ) ع: لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْقَاتِلِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مُوجِبَاتِهِ بَيَانَ الْحُجَّةِ فِيهِ، وَهِيَ بَعْدَ الدَّعْوَى إمَّا يَمِينٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ، وَذُكِرَ لِمُرَاعَاةِ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْأَوْلَى فِي مِثْلِهِ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الضَّمِيرُ بَيْنَ مُذَكَّرٍ وَمُؤَنَّثٍ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ الْقَسَامَةُ اصْطِلَاحًا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ دَمًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَإِنْ قُلْنَا هِيَ عَيْبٌ فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّ مَا يَسْتَتْبِعُهَا

(قَوْلُهُ: وَخُصَّ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي التَّرْجَمَةِ، وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ عَمْدٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَحَدُهَا أَنْ تَعْلَمَ غَالِبًا) خَرَّجَ مَسَائِلَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ: مِنْهَا إذَا ادَّعَى عَلَى وَارِثٍ مَيِّتٍ صُدُورَ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ مِنْ مُوَرِّثِهِ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ أَوْ عَلَى آخَرَ صُدُورَ إقْرَارٍ مِنْهُ لَهُ بِشَيْءٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْهُ النَّفَقَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ

(قَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلَ) أَيْ فَإِنْ أَوْجَبَ الْقَوَدَ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُ عَدَدِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقَتْلَ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ وُجُوبَ ذِكْرِ عَدَدِ الشُّرَكَاءِ يَأْتِي فِي أَصْلِ الشِّرْكَةِ وَالِانْفِرَادِ حَيْثُ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْقَتْلَ الْمُوجِبَ لِلْقَوَدِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقَلَ عَنْ م ر أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ أَصْلِ الشَّرِكَةِ وَالِانْفِرَادِ حَيْثُ كَانَ الْقَتْلُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ اهـ وَهُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ.

لَا يُقَالُ: مِنْ فَوَائِدِ ذِكْرِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِهَا قَدْ يَكُونُ الشَّرِيكُ مُخْطِئًا فَيَسْقُطُ بِهِ الْقَوَدُ عَنْ الْعَامِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: صِحَّةُ الدَّعْوَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ، نَعَمْ يُمْكِنُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ، وَإِثْبَاتِهِ لِيَكُونَ دَافِعًا لِلْقَوَدِ عَنْهُ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي

(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَحَلَفَ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ الدِّيَةُ وَمَا مِقْدَارُهَا إنْ لَمْ نُوجِبْ الْقِصَاصَ؟ وَفِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ حَيْثُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ]

ِ وَالْقَسَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>